من عاش للناس فقد أضاف أعمارا إلى عمره وهكذا هو فقيد الوطن الشاعر الثائر فؤاد الحميري رحمه الله الذي ظل آسرا لأفئدة كل من عرفه ومن أول لقاء معه بابتسامة وتواضع تعامل مع كل من التقاه لكنه المبهر والمدهش حينما كان يبدأ في الكلام إذ تمتزج الثقة والصدق والبلاغة في أطروحاته فكان بحق فارسا في الثقافة وفارسا في الخلق وفارسا في ميدان الأدب وساحات النضال سلاحه قوة الحجة والبرهان والإخلاص في القول والعمل فكانت هذه وغيرها من مناقب الفقيد ومميزاته وقود فكره المتوهج فحمل بجدارة مشاعل الوعي والتنوير مساندا بشجاعة للمظلومين والمكلومين ومناهضا بصلابة لكل أشكال الظلم والجور والعنصرية الفقيد الملهم والملهم الحميري شخصية استثنائية جمعتني به مواقف عديدة في ساحة التغيير في صنعاء عام 2011 جمعنا سكن واحد عشنا سويا كما أتذكر من قصائده الوطنية الغامرة بالبعد الوطني والإنساني قصيدة جمهورية إنسان وهي الأنشودة الوطنية البديعة التي أنشدها الفنانان بلال الأغبري وساري الأغبري رحمه الله وكلماتها تملأ النفوس فخرا وإباء وتعبر عن عظمة الجمهورية التي ناضل الفقيد من أجل الدفاع عنها حتى آخر رمق عرفته المناضل الذي لا يلين عزمه المسكون بحب اليمن والطامح لمستقبل أفضل لليمنيين فكان الصوت الأكثر تعبيرا عن المواطنين وهمومهم وأحلامهم حين اجتمعوا بكل فئاتهم وشرائحهم بحثا عن غد أجمل يتشكل رغم المحن والمعوقات مع كل خطوة يخطوها اليمانيون في أوقات السلم وفي المعركة الوطنية في ساحات الجمهورية في مواجهة مخلفات الإمامة والكهنوت عرفته قائدا لمعركة الوعي بشعره ونثره البديع وخطبه القوية التي حملت قضايا الناس ومواقفه المبدئية التي لامست شغاف القلوب وسكنت وجدان كل أحرار اليمن فكانت سهاما من الطغيان والكهنوت تنتقم ودرعا يحمي الوعي الجمعي للمجتمع من كل محاولات التزييف وتمجيد الباطل وزخرفة المشروع الإمامي الطائفي الكهنوتي عرفت فيه حماسة الثائر وإقدام الشاب الفتي ونضج السياسي ووعي المثقف ورجاحة الحكيم وقوة المخلص لدينه ووطنه وأمته وثبات المناضل لأجل عزة الوطن ورفعته وأخلاق الرجل النبيل في الاتفاق والاختلاف وقلما تجتمع هذه في إنسان فرض احترامه على من يتفق معه في الرأي أو يختلف برجاحة عقله وقوة منطقه وأدب حواره وصدق توجهه النابع من الأهداف الوطنية التي حملها مع رفاق دربه في التجمع اليمني للإصلاح وكافة أحرار الوطن وكذا من إيمانه بقضايا أمته وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي كان لها نصيب من إنتاجه الأدبي والثقافي غادر فقيد الوطن فؤاد الحميري الدنيا جسدا في ريعان شبابه لكنه سيبقى منارة للأحرار وسيظل فكره وأدبه ورصيده الثقافي والنضالي يتردد في حلقات الزمن يتذكره اليمنيون جيلا بعد جيل مر من هنا طيف شخصية استثنائية فريدة وهذا أثره المحمود ستظل يا فؤاد في أفئدتنا الملهم والملهم وصاحب الأثر الذي لا يمحى