غوستاف إيفل صانع مجد الحديد
يصادف اليوم ذكرى ميلاد غوستاف إيفل، المهندسُ الفرنسي الذي حول الحديد إلى رمزٍ للابتكار والهندسة الحديثة. وُلِد إيفل في ديجون عام 1832، في أسرةٍ ميسورةٍ جذورها ألمانية، وعاش في بيئة غذّت فيه حب الدقة والعمل العلمي. هذه الخلفية شكلت وعيه منذ الصغر، وساعدته على تطوير رؤيةٍ معماريةٍ تجمع القوة والمتانة مع الجمال والتوازن.
بدأت رحلة إيفل المهنية في جنوب غرب فرنسا، حيث أشرف على مشاريع السككِ الحديدية، ومن أبرزها جسرُ بوردو الممتد فوق نهر جارون. اعتمد في تصميمه على تقنياتٍ مبتكرةٍ مثل قيسونات الهواء المضغوط للعمل تحت الماء، ما أكسبه سمعةً فريدةً في مجال الإنشاءات المعدنية وفتح له أبواب الريادة. في عام 1866 أسس شركته الخاصة، التي توسعت لاحقاً لتنفيذ مشاريع في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وركزت على الجمع بين الدقة الهندسية والجمال البصري والفعالية الاقتصادية.
تجسدت عبقرية المهندس الفرنسي في جسر نهر دورو بالبرتغال عام 1877، الذي افتتحه الملك لويس الأول وزوجته الملكة ماريا بيا، الذي حمل اسمها، وفي الإطار المعدني لتمثال الحرية في نيويورك، صُمم لمواجهة الرياح الشديدة والتغيرات المناخية، ليصير رمزاً عالمياً للابتكار الفرنسي. إيفل صمم أيضا جسورا في الصين وفيتنام ومصر وبوليفيا، وكنائس في البيرو والتشيلي وغيرها.
وصلت مسيرة إيفل إلى ذروتها في برج باريس
وصلت مسيرة إيفل إلى ذروتها في برج باريس، الذي صممه لمعرض باريس العالمي عام 1889. ارتفع البرج إلى 300 متر، وواجه معارضةً شديدةً من المثقفين والفنانين، قبل أن يتحول إلى رمز للعاصمة الفرنسية ومعلمٍ عالميٍّ يجذب ملايين الزوار. لم يكن البرج مجرد بناء؛ فقد استخدمه إيفل لإجراء تجارب علميةٍ على مقاومةِ الرياح، وأقام عليه مراصدَ للأرصاد الجوية، وأجرى تجارب في الديناميكا الهوائية والبث الإذاعي، محولًا الهيكل المعدني إلى منصةٍ للمعرفة والتجربة العلمية.
واجه إيفل تحدياتٍ أخرى في حياته المهنية، مثل مشروع قناة بنما عام 1887، الذي تورط خلاله في فضيحةٍ ماليةٍ وتمت تبرئته لاحقاً. بعد هذه المرحلة، كرَّس الثلاثين عاماً الأخيرة من حياته للأبحاث العلمية، موظفاً اهتمامه بالديناميكا الهوائية
ارسال الخبر الى: