مع عزل شمال غزة عن سواه من مناطق القطاع المحاصر والمستهدف منذ أكثر من ثمانية أشهر يجوع الفلسطينيون وتحذر جهات أممية ودولية من مجاعة تهدد هؤلاء ولا سيما الأطفال وكبار السن بعدما كثرت التحذيرات من مجاعة حتمية في شمال قطاع غزة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 فقد تراجعت وتيرتها قليلا قبل أن تبرز من جديد مخاوف في هذا الإطار في الآونة الأخيرة في الشمال الذي عزل عن بقية أنحاء قطاع غزة والذي يضم محافظتي غزة وشمال غزة حل عيد الأضحى في وقت يجوع فيه الفلسطينيون العالقون هناك فالمواد الغذائية عادت لتنفد ولا سيما مع تحكم سلطات الاحتلال بكل ما يسمح بدخوله إلى القطاع وبالتزامن مع العملية البرية التي تنفذها قوات الاحتلال في رفح منذ أكثر من شهر والتي أدت إلى إقفال المعبر الواصل بين أقصى جنوبي قطاع غزة ومصر يذكر أن المساعدات الإنسانية المخصصة للفلسطينيين في القطاع سواء في شماله أو جنوبه أو وسطه كانت تدخل من خلال هذا المعبر وتشير بيانات إلى ارتفاع أعداد الأطفال الفلسطينيين المهددين على خلفية الجوع في قطاع غزة كله إلى أكثر من ثلاثة آلاف و500 طفل ويواجه هؤلاء خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الحليب والمواد الغذائية التي يحتاج إليها الأطفال في مختلف أنحاء القطاع وذلك بحسب ما بينته أرقام مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط ومجمع ناصر الطبي في خانيونس جنوب ومستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال وتتركز النسبة الكبرى من الأطفال الجائعين في شمال غزة بالتزامن مع عجز وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة عن إدخال الغذاء إلى المنطقة بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا فقد أفادت الوكالة عشية أول أيام عيد الأضحى بأن الفلسطينيين في شمال قطاع غزة ما زالوا يواجهون مستويات استثنائية من الجوع مع استمرار القيود الإسرائيلية على المساعدات يأتي ذلك في غياب المراكز الصحية أو الطرق الآمنة لإدخال المساعدات إلى الشمال إلى جانب حاجة نحو 50 ألف طفل إلى العلاج بسبب سوء التغذية لم يتوقف مستشفى كمال عدوان عن استقبال الأطفال الذين يعانون سوء التغذية وتبعاته حتى في أول أيام العيد ففي ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال وحربه المتواصلة تتشابه الأيام وكذلك الظروف ومن بين الأطفال الذين أدخلوا إلى المستشفى صغار تناولوا أطعمة غير مأمونة وأصيبوا بالتالي بمشكلات معوية وسعي الفلسطينيين إلى تأمين أي غذاء ممكن لأبنائهم يجعلهم يغضون الطرف عن مصدره وسلامته وبالتالي التزود بكل ما يقع في متناولهم مؤمن أبو فول البالغ من العمر خمسة أعوام من بين هؤلاء الأطفال الذين أدخلوا إلى المستشفى بدلا من اللعب مع رفاقه الصغار في أول أيام العيد تخبر والدته إسراء العربي الجديد أن الصغير لم يتناول الحليب منذ نحو شهر في ظل العملية العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت مخيم جباليا ولا تذكر الوالدة أنها رأت علبة حليب واحدة في إطار المساعدات المحدودة التي ادخلت منذ ذلك الحين علما أن تلك المساعدات صارت تقتصر أخيرا على دقيق القمح وهكذا أرهق مأمون من جراء تناول الخبز فقط تضيف إسراء لـالعربي الجديد أن طفلي وأطفالا آخرين كثيرين دخلوا إلى المستشفى وهم في حالة سيئة وهم يتلقون علاجا بالمحاليل الملحية من أجل تعويضهم بعدد من العناصر التي خسرتها أجسادهم وتؤكد أن في الوقت نفسه نشعر بالجوع أنا وطفلي وزوجي وعائلتي وكل أهالي شمال غزة وإن اختلفت قدرة كل واحد منا على التحمل تكمل إسراء أن المشكلة تكمن في الفترة التي تلي علاج طفلي وعلاجات الأطفال الآخرين واستقرار حالاتهم فلا بد لهم من الحصول على طعام مغذ وهذا أمر غير ممكن في ظل عدم توفر الغذاء في شمال غزة تلفت الوالدة الفلسطينية إلى أن كلما مرت أيام أكثر ازدادت أجسادنا هزالا طفلي في حاجة إلى حليب وقد بحثت كثيرا عن ذلك من دون جدوى ومن شدة ما بحثت نسيت أنني جائعة بدوري يذكر أن جيش الاحتلال أعلن أمس الأحد صباح أول أيام عيد الأضحى عن هدنة تكتيكية في رفح الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة على امتداد محور فيلادلفيا فقط يوميا ما بين الساعة الثامنة صباحا والسابعة مساء وذلك بهدف نقل المساعدات الإنسانية من معبر كرم أبو سالم الذي يقع إلى شرق رفح والذي يسيطر عليه الاحتلال بالكامل وعلى كل الطرقات المؤدية إليه لكنه لم يوضح مصير شمال غزة الذي لم يسمح بإدخال الغذاء إليه في سياق متصل تترقب الستينية حسنية فرج في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة إدخال المساعدات إلى الفلسطينيين المعزولين في الشمال فتقصد يوميا أحد مراكز توزيع المواد الإغاثية لعلها توفق ببعض منها وحسنية التي استشهد ابنها البكر في خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وأبناؤه الأربعة ما زالت تعيش مع اثنين من أبنائها وأحفادها وتحاول الإسراع للحصول على مساعدات آملة أن يقدر المعنيون كبر سنها ويمنحوها المساعدات من دون الانتظار ساعات وتقول حسنية لـالعربي الجديد استيقظنا اليوم أمس الأحد على التكبيرات آملين أن يستجيب الله لدعائنا فيصار إلى إدخال الطعام لنا وننجو من الموت جوعا مضيفة نحن نعيش كذبة كبيرة مفادها أننا والمسلمين إخوة وأننا والعرب إخوة فنحن نعيش حالة خذلان كبيرة وتشير المرأة الستينية إلى أن قبل العدوان لم نكن نجوع كنا نقول دائما إننا لا ننام ونحن جياع لكننا في هذا العدوان ندهب إلى النوم ونحن جائعون وتكمل أن لا شيء يسترنا من القصف والنساء انتهكت كراماتهن وحقهن الإنساني كذلك الأمر بالنسبة إلى الأطفال والشيوخ مشددة نحن نموت ببطء في الوقت الراهن وحتى لو متنا من الجوع فإن كرامتنا لن تموت ولعل العرب يتعلمون من دروس غزة صحيح أن سلطات الاحتلال سمحت بإدخال دقيق القمح دون سواه من مواد غذائية إلى شمال غزة المحاصر إلا أن كثيرين لا تصل إليهم أكياس الدقيق الفلسطيني محمد خطاب واحد من هؤلاء ويعيش حاليا في منطقة تقع ما بين حي الصفطاوي ومخيم جباليا يشير إلى أن الكميات التي توزع في نقاط محدودة لا يحصل الجميع عليها بالتساوي فهي محدودة وهو مضطر بالتالي إلى البحث عن الخبز يوميا ويخبر محمد العربي الجديد أنه في خلال موجة الجوع الأولى في شمال غزة الذي عزل عن بقية مناطق القطاع المحاصر تناولت الخبز المعد بعلف الحيوانات وكذلك ورق الأشجار مع الملح واليوم في موجة الجوع الجديدة يبدو الأمر أكثر صعوبة فنحن لم نخزن أيا من المواد الغذائية التي كانت تدخل من ضمن المساعدات السابقة يذكر أن تلك المساعدات كانت في الأساس ضئيلة جدا ويرى محمد أن الناس في خارج قطاع غزة فقدوا الإحساس فينا متحدثا عن شائعات نشرها الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن سلطاته سمحت بإدخال بضائع إلى المنطقة قبل أكثر من شهر وأننا ننعم بالأطعمة لكننا لم نحصل في الواقع إلا على كميات نستهلكها من دون أن تكون كافية للتخزين واليوم يتشاجر الناس في الشوارع بعضهم مع بعض للحصول على الطعام ويتسابقون على ذلك وتشير مصادر طبية إلى أن أعداد شهداء الجوع في قطاع غزة على أرض الواقع أعلى من تلك التي وصلت إلى المستشفيات ويقدر طبيب الطوارئ محمد مهدي عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم نتيجة الجوع بنحو 40 طفلا مضيفا أن أعداد الوفيات بسبب سوء التغذية بين الأطفال وكذلك كبار بين السن سجلت بمناطق في شمال غزة عجز الفلسطينيون فيها عن الوصول إلى المستشفيات خصوصا في الشهر الأخير ويؤكد مهدي لـالعربي الجديد أن المواد الغذائية لم تدخل إلى الشمال لمدة تخطت الشهر الواحد وراح الناس يستهلكون أي طعام يتوفر أمامهم وقد تناول عدد من بينهم أطعمة فاسدة نظرا إلى عدم توفر وسائل تخزين الطعام بصورة سليمة وكذلك في ظل ارتفاع درجات الحرارة ويتحدث عن جوع كارثي في الوقت الراهن في المنطقة الشمالية بالكامل وهو ما يهدد بوفيات في مقدمتها أطفال وكانت المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر قد أشارت إلى الصور التي تصل إلى المنظمة من طواقم عملها المعنية بالأطفال والتي تظهر مشاهد مروعة تبين موت أطفال أمام أعين أسرهم بسبب نقص إمدادات الأغذية المستمر وتدمير خدمات الرعاية الصحية من جهته أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأن المساعدات الغذائية لم تصل إلى نقطة اتفاق حتى لإدخال المتوافق عليه سابقا الذي كان في الأساس يعد ضئيلا جدا وغير كاف