غزة وفضيحة المعايير المزدوجة
بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومه الهمجي على مدينة غزّة، بقصف الأبراج السكنية وإزالتها من الوجود في مشهدٍ يذكّرنا بما جرى لبرجي التجارة العالمية في نيويورك في 11 سبتمبر (2001)، في ما تحوّل إلى مبرّر شن الولايات المتحدة حروباً متتالية، واحتلال بلدان، وقتل ملايين، وتحطيم أنظمة الاقتصاد العالمي وإعادة هيكلتها. وحتى كتابة هذا المقال، بلغ عدد ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة بين شهيد وجريح، ما يزيد على 235 ألف فلسطيني، منهم 50 ألف طفل، أي ما يزيد على 10% من سكّان قطاع غزّة. ولو طبقنا هذه النسبة على الولايات المتحدة، لتجاوز عدد القتلى والجرحى 33 مليون أميركي في أقل من سنتين. ولكم أن تتخيلوا ما كانت الولايات المتحدة ستفعله لو أصيب مليون أميركي، وليس 33 مليوناً. على الأرجح أنها كانت ستدمّر العالم.
ورغم بشاعة حجم الجريمة التي يتعرّض لها سكان قطاع غزّة، وفظاعة عدد الضحايا وخمسة أسداسهم من المدنيين العزّل والأبرياء باعتراف الصحافتين، البريطانية والإسرائيلية، فإن سفير الولايات المتحدة، مايك هاكابي، ورئيسه، لا يشعران بالخجل من مواصلة لوم الضحية، الشعب الفلسطيني، ومواصلة دعم المعتدي سياسيّاً وعسكرياً، وتشجيعه ليس فقط على البطش الإجرامي بغزّة وأهلها، بل أيضاً على استباحة الضفة الغربية، بما فيها القدس، بالاستيطان الاستعماري وعصابات الإرهابيين المستوطنين.
يتصرفاته، يذكّرنا نتنياهو، المصاب بجنون عظمة بجنون هتلر، كأنه الحاكم الإمبريالي للشرق الأوسط
وبفضل الدعم الأميركي المطلق، والصمت الجبان لحكّام ودولٍ كثيرين، لا يتورّع بنيامين نتنياهو عن توجيه اللوم لمصر، لأنها لا تفتح حدودها لتهجير كل سكان قطاع غزّة، ومساعدة إسرائيل على تنفيذ جريمة التطهير العرقي الأخطر في العصر الحديث.
لم يبقَ قانون دولي، أو قانون إنساني دولي، أو حقوق للإنسان، لم تدسها إسرائيل بأحذية جنودها، أو تسحقها بجنازير دبّاباتها ومدرّعاتها. ولم تبقَ شريعة سماوية لم تستبحها، وهي تبطش بسكان غزّة البواسل الذين تحملوا من الألم والمعاناة والموت والعذاب ما لا تتحمّله الجبال، وما لم يتحمله بشر في التاريخ. واليوم يعيد نتنياهو وحكومته الفاشية إعلان أهدافهم من دون مواربة، بتطهير عرقي شامل
ارسال الخبر الى: