عن غزة وحربها وأسطورة صمودها

48 مشاهدة

أما وقد وضعت حرب غزّة أخيراً أوزارها وبدأت تلعق، وأهلها، جراحها، تواري شهداءها، تبحثُ عن المفقودين من أبنائها، وتحتفي بالمحرّرين من أسراها، يمكن أن يسترق المرء لحظة تأمّل تغلبها المشاعر في تقييم ما جرى على مدى العامين الفائتين. سوف تكون هناك لاحقاً وقفات كثيرة للتقييم والمراجعة (العقلانية)، ومحاولة الإجابة عن السؤال الكبير الذي يخيم فوق رؤوسنا، ويلفح وجوهنا، ونحن نتأمّل مُصابنا الكبير في غزّة، وهو كيف، ولماذا وصلنا إلى هنا؟. ولكن هذا بالتأكيد ليس وقته. الوقت الآن هو للتضامن مع غزّة وأهلها، والاحتفاء بصمودهم الأسطوري أمام أعتى آلات الحرب في التاريخ، وأكثرها وحشية وإجراماً. لا يستطيع المرء مهما بالغ في التعاطف والمجاملة أن يزعم انتصاراً في غزّة، لكن أحداً لن يستطيع، في المقابل، مهما بلغ من التشاؤم والتحامل، أن يزعم هزيمة أيضاً، فلطالما ارتبط تعريف النصر والهزيمة بقدرة أحد الطرفين المتحاربين على تحقيق أهداف الحرب، سحق الخصم، أو إجباره على الخضوع والاستسلام.

هكذا تعرف الولايات المتحدة انتصارها على اليابان في الحرب العالمية الثانية، بتوقيع الأخيرة اتفاق استسلامها على متن بارجة أميركية في خليج طوكيو، وانتصارها على العراق عام 1991 بتوقيع اتفاقية خيمة صفوان على الحدود مع الكويت، لكنها لا تستطيع أن تزعم الشيء نفسه عندما غادرت فيتنام عام 1975 وأفغانستان عام 2021. بالمثل، تستطيع إسرائيل أن تزعم انتصاراً في حرب 1948 عندما انتزعت فلسطين من يد سبعة جيوش عربية (رغم تحفّظنا على تسمية بعضها جيوشاً) وتستطيع حتماً أن تدّعي انتصاراً أكبر عندما هزمت أربع دول عربية عام 1967، منتزعةً بقية فلسطين، إضافة إلى سيناء والجولان، لكنها لن تستطيع أبداً أن تزعم شيئاً كهذا في غزّة. فرغم كل القنابل التي ألقتها، والدمار الذي تسبّبت به، والقتل الذي ارتكبته، لم تحقّق إسرائيل أهداف حربها كما تشتهي. لم تسحق إرادة أهلها، ولا أجبرتهم على الخضوع والاستسلام، ولا الوقوف طوابير على الحدود طلباً للخروج والنجاة. ظلّت غزّة تقاتل حتى تعب العالم من قتالها، ومن إحصاء عدد شهدائها وجرحاها، ومن صبر أطفالها على الجوع، ومن

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح