مع غزة ليلى طوبال

٢٢ مشاهدة
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزة وكيف أثر على إنتاجه وحياته اليومية وبعض ما يود مشاركته مع القراء نحن في خندق المعركة وأوجها والوضع يحتاج منا مواقف جريئة تقول الممثلة والمسرحية التونسية لـالعربي الجديد ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوان إبادة على غزة تعصف بي أحاسيس مبعثرة وقاسية قساوة المشهد وجع بلا هدنة دموع طوفانية وعجز قاتل أكثر ما يشغلني هذه الأيام هو ما يجري من عدوان سافر وإبادة مفضوحة وماذا يمكنني أن أفعل من موقعي لنصرة غزة أنهار فأوبخ ضعفي وأصرخ في وجهي الشاحب الأحاسيس والدموع لا تنفع قاومي بما استطعت فأرتدي حزني وكوفيتي وأخرج في المسيرات الشعبية أجلس ساعات أمام الحاسوب أحث على كل أشكال المقاطعة أكتب أنشر أشارك بالصوت والصورة عن فظائع حرب الإبادة لكسر حصار بارونات منصات التواصل الاجتماعي التي تريد إخفاء الحقيقة أصرخ بأعلى صوتي في وجه الظالمين والمتواطئين لن نعتاد لن ننسى لن نسامح وأسبح معذرة غزة الثمن باهظ لكنك كشفت قبح وسفاهة العالم وغيرت مجرى التاريخ كيف أثر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية هل يحق لنا أن نتحدث عن الحياة ونحن نختنق برائحة الموت نحن نختنق برائحة الموت وبقايا الجثث المتحللة التي تنهشها القطط والكلاب الحياة اليومية حتى في جزئياتها الصغيرة والمعتادة لم تعد حياة منذ أول أيام الحرب على غزة أعيش أرق الدفء والأطفال يرتعشون بردا أتذوق مرارة الخبز في فمي والأطفال يموتون جوعا لا أسمع إلا أصوات الاستغاثة تنادي الصبر والثبات يا الله لقد دمروا بيوتك والمآذن أغثنا واحضن في جنان الخلد أطفالنا وأطعمهم من نعمك فقد مات الأولاد من غير ما يأكلوا لم تعد لي حياة لبس قلبي الحداد أخجل من ابتسامة عابرة ومائدة الإفطار وسقف البيت وملابسي وزهرة ربيع أينعت وغناء العصافير مع بشائر الفجر لم أعد لأحيا وأكتب وأفكر في عملي المسرحي الجديد فغزة في جسدي وروحي بكل تفاصيل الهول أنتظر انتصارها لأعود إلى حياتي إلى أوراقي ورائحة قهوة الصباح ونافذتي وشخصيات خيالية كأبطال غزة لا تقهر أتذوق مرارة الخبز في فمي والأطفال يموتون جوعا إلى أي درجة تشعرين أن العمل الإبداعي ممكن وفعال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم أقلمي صاروخ يرد على القصف بالقصف وجسدي شخصية على الخشبة لا تغتالها دبابة آسفة لا أشعر بتاتا بأن الوضع اليوم يحتاج إبداعا لمواجهة الحرب فما يفتك بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة نحن في خندق المعركة وأوجها والوضع يحتاج إلى مواقف جريئة من قبل المبدعين والفنانين والمثقفين والمشاهير كفانا تصفيقا ورقصا على الأغاني الثورية التي لم ولن توقف حرب الإبادة كفانا شعرا وشعارات إذا ليس بإمكاننا حمل بندقية أو أن نكون في خيام النازحين ضمادة لجروح صبية فلنكن بالمئات على الحدود لكسر الحصار وإدخال المساعدات وليطلق العدو النار علينا ستختلط دماؤنا بدماء الشرفاء لا أتجرأ أن أنسب لنفسي أو لأعمالي الفنية صفة المواجهة والأبطال يموتون بالآلاف في معركة الحرية والتحرر للعمل الإبداعي مكانته ومهمته ودوره فالفن بمختلف أشكاله التعبيرية سيكون حبر قصص الصمود وكيف اختلط الخبز بالدماء سيكون القبضة التي تمسك بالأرض وتوقفها عن الدوران ليوثق هذه اللحظة التاريخية ويعطي للعالم الصورة الكاملة بلا فلتر لكن بطريقة فنية العمل الإبداعي سيمنع تزييف التاريخ سيكون الذاكرة والذكرى والحقيقة التي يجب ألا تطمس لو قيض لك البدء من جديد هل ستختارين المجال الإبداعي أم مجالا آخر كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني بالتأكيد سأختار العمل الإبداعي لأن الإبداع يجعلني امرأة حرة امراة بالمعنى الإنساني لا الأنثوي ولأن العمل الإبداعي مقاومة والفعل الفني نضال يولد من رحم أوجاع الإنسان ويتوجه إليه ليخبره عن نفسه عن الموت والحياة ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم هل ننتظر من هذا العالم أن يتغير بعد الذي رأيناه في حرب الإبادة على غزة لقد كشفت الحرب أبشع ما في الإنسان من وحشية وجبن ونفاق وبهتان وخذلان لقد كشفت الحرب حقيقة كل من تشدقوا بقيم العدالة وحقوق الإنسان فلا كل الأطفال أطفالا ولا كل الموت فاجعة ماذا ننتظر من هذا العالم الذي يقرر من هم من فئة الإنسان ومن هم مجرد أرقام تفتك منهم الحرب الهوية وعنوان البيت والحلم وتفتك حتى القبر والأكفان أنا لا أنتظر شيئا من هذا العالم وطغاته فقد علمتني هذه الحرب أن نكون نحن القضية ونحن التغيير سنغير قبح هذا العالم إلى حدائق عدل وحرية وإنسانية نعم سنغير العالم نحن من نعتنا الصهيوني بـالحيوانات البشرية أيها العربي لا تنتظر رخصة لتكون ما يجب أن تكونه شخصية إبداعية مقاومة من الماضي تودين لقاءها وماذا ستقولين لها في هذا الظرف الاستثنائي أود لقاء ناجي العلي وسأقول له دفعت حياتك ثمن رسوماتك وغزة تدفع حياة الآلاف ثمن الحرية قتلك الرصاص يا ناجي وبقيت رسوماتك الساخرة وغزة تباد لكنها ثابتة وستبقى آه يا ناجي لو كنت حيا ورأيت كل ما يجري في أطفال غزة هل سيلتفت حنظلة لنا وماذا عساك ترسم على وجهه دمعة أم ابتسامة سترسم الأمل يا ناجي أنا متأكدة أنك سترسم الأمل كلمة تقولينها للناس في غزة أبشروا لقد أصبح كل العالم فلسطين أنتم طوفان العزة والنخوة والمستحيل والشرف والنصر إن شاء الله إن وعد الله حق كلمة تقولينها للإنسان العربي في كل مكان كن أنت العروبة الثورة الطوفان لا تتسول حريتك وكرامتك من أحد ولا تنتظر رخصة أو إشارة لتكون الإنسان الذي يجب أن يكون السلام والحب والقلم وإذا اغتصبوا أرضك وعرضك السيف والغضب حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البياع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان ماذا تريدين من العالم أجابت رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين أحبك دارين أحبكم أطفالي ليتني أستطيع أن أكون لكم الأم الأخت الصديقة التي تسحبك من يدك نركض معا خلف الفرح في الأزقة والساحات وفي الأقصى ليتني أكون الدمية التي ضاعت بين شظية وقذيفة ليتني أستطيع أن أكون سماء تمطر خبزا وحلوى وماء ودواء وشجرة زيتون وزعترا وفرحا وبهاء ليتني أستطيع أن أكون رعدا يحول صراخكم إلى غناء وغضبا يمزق الأكفان ويهديكم للعيد لعبة وأجمل كساء ليتني أستطيع أن أكون الجدة حين يأتي المساء أضع على النار قدر الحساء آخذكم إلى أحضاني وأقص عليكم قصة الأميرة دارين التي أحبها الملايين وكيف ينبت عبق الوطن والصمود بين أصابع أطفال فلسطين فيتحولون من أطفال الحجارة إلى مجاهدين صغيرتي دارين أطفالي في غزة لو تعلمون كم أحبكم أهديكم قلبي فتعالوا إلى روحي تضمكم بطاقة ممثلة وكاتبة ومخرجة مسرحية ومناضلة حقوقية من مواليد مدينة حمام الأنف في تونس عام 1962 في رصيدها العديد من الأعمال والعروض المسرحية كتابة وتمثيلا وإخراجا في تونس وخارجها عبر مسيرة خمسة وثلاثين عاما حققت فيها نجاحات وجوائز في التظاهرات الوطنية والمهرجانات الدولية من أعمالها سلوان 2015 وحورية 2018 وياقوتة 2022

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح