مع غزة كريم جمال

١٨ مشاهدة
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزة وكيف أثر في إنتاجه وحياته اليومية وبعض ما يود مشاركته مع القراء كيف للإنسان العربي أن يواجه ذاته بعد أن صمت وتخاذل عمدا أو قهرا يقول الكاتب المصري لـالعربي الجديد ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوان إبادة على غزة الهواجس كثيرة بعضها يخص قطاع غزة وأهله وبعضها يخصني أنا شخصيا سؤال متى تنتهي الحرب على غزة وتمر تلك اللحظة الشاحبة يراودني في كل دقيقة تقريبا أفكر دائما في المصير والمستقبل القريب كيف سيعيش أهل غزة وسط كل ذلك الدمار وركام الأيام كيف يمكن أن تنبت زهرة الحياة مرة أخرى بعد أن دهست وحشية الاحتلال كل شيء وأي شيء في طريقها الهواجس كثيرة ولكني أعتقد أن معضلة الهاجس الشخصي أعمق فالحرب لا بد أنها ستتوقف في يوم وستعاد غزة كما كانت وربما أجمل وسلاسل الشهداء قادمة لتقطف البرتقال وتحمل البنادق لكن هاجسي الأكثر قلقا كيف سنعيش نحن بعد تلك المأساة كيف للإنسان العربي أن يواجه ذاته بعد أن صمت وتخاذل عمدا أو قهرا وأخيرا أين يمكن لنا أن نقف ونرفع رؤوسنا للسماء في الشرق الذي أصبح ساحة للقهر والموت وحقلا لتجارب أحدث منجزات العلم الإنساني أم في الغرب الذي سقط القناع عن قناعه وأظهرت الحرب بقايا وجهه الكولونيالي وازدواجية قيمه الإنسانية والحقوقية كيف أثر العدوان في حياتك اليومية والإبداعية تغير كل شيء تقريبا اختصرت الحياة في سيرة غزة وأهلها في كل صباح يتكرر السؤال عن جديد الخبر ومدى دلالته في تلك المعركة العسكرية والسياسية الاطمئنان على الأصدقاء دائم ما دامت الحرب ماثلة في المشهد في كل لحظة أسأل عن صديق أهيئ نفسي لتقبل مشاعر فقده أو موت أهله في مجزرة بشعة ودامية كل طرق أيامي صارت تؤدي إلى غزة وحدها ولا شيء غيرها منذ اليوم الأول للحرب فقدت حياتي الشخصية معانيها ومتعها القليلة كيف يمكن أن تطيب القراءة والكتابة الإبداعية وجريمة محو لذاكرتنا تجري على مرأى من الكون وسمعه منذ نهاية أكتوبر تشرين الأول 2023 وأنا أسال نفسي عن كيفية ممارسة الكتابة وجدواها في جو تسكنه رائحة الموت وغبار القصف أعلم جيدا أن الكتابة تنحدر أيضا من الألم لكن ربما أدركت مؤخرا حقيقة مقولة أن لا رؤية لخائف ولا يمكن بحال من الأحوال أن تنبت شجرة الكتابة وتزدهر أوراقها في أرض تسقى في كل يوم بمياه الخوف وترقب اللحظة التالية الصمت هنا بلاغة وزاد كبير لاستعادة البوصلة الإبداعية وحقيقة الهدف والذات المبدع العربي اليوم في ورطة كبيرة ومفترق طرق قاس إلى أي درجة تشعر بأن العمل الإبداعي ممكن وفعال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم الإبداع مقاومة هكذا كانت رؤيتي الواسعة للفن والأدب منذ اللحظة الأولى لتعلقي بعوالم الجمال ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم على كل مقاوم بقلمه كيف يمكن للمبدع أن يسخر فنه في خدمة قضية واسعة كالقضية الفلسطينية المبدع العربي اليوم في ورطة كبيرة ومفترق طرق قاس إننا نحاول أن نكون على قدر الحدث لكن الحقيقة أننا صغار جدا بجوار ما يفعله أهل غزة كل الكتب والأغاني واللوحات الفنية كل الصور الجمالية في عالم المثقف العربي تبدو اليوم قزمة بجوار سعي الإنسان الغزي لإيجاد رغيف خبر أو رشفة ماء قدرة أهل القطاع على إيجاد الأمل والصبر على ما عاشوه على مدار نصف عام ربما تكون محطة جديدة في طريق المقاومة الإبداعية وأنا على يقين بعد أن تضع الحرب أوزارها ستعيد غزة تشكيل عالم جديد للثقافة العربية المشتبكة مع القضية الفلسطينية وستخلق غزة قريبا ذاكرة مزدحمة بالإبداع العربي لكنها ذاكرة تتحرك نحو التحرر الفعلي بشكل واقعي لا مجرد شعارات فارغة لو قيض لك البدء من جديد هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالا آخر كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني في ظني أن كل مجالات الحياة البشرية تصبو إلى شرط الإبداع ولا شيء يمكن أن يقابل الفن في قدسيته وبقائه وخلوده الفن قادر أن يكون بندقية ومرثية ونخب نصر وفي هذا العالم الجديد الذي تعيد غزة تشكيله سيكون للكلمة الإبداعية ألف وجه وألف أثر العالم الحر أعاد اكتشاف نفسه واستيعاب قيمه والأجيال الجديدة في العالم الغربي أدركت أن السياسة الغربية تقف على الجانب الخطأ من التاريخ ومن حقوق الإنسان وهو ما يجب على المبدع العربي استغلاله وتحويله إلى وقود يشعل القضية ويحقق هدفها النهائي فالحروب العسكرية لن تحسم المعركة والسياسة فشلت في وضع حد للمهزلة ولم يبق إلا الفن وسيلة وطريقا أمامنا تمنحنا الكارثة بارقة لإعادة التأكيد أن مصيرنا واحد ما التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم عربيا أن يدرك العرب قوتهم الحقيقية الكامنة في وجود ما هو متجانس بين أرواح هذه الأمة فالحلم قديم والأمل متجدد وربما تمنحنا الكارثة بارقة لإعادة التأكيد على أن مصيرنا واحد ونقطتي البداية والنهاية مشتركة وغربيا أن يدرك الغرب أن الإنسان العربي يستحق الحياة والحرية نحن لسنا كما مهملا في مشرق الكون ولا أنصاف بشر أو حيوانات كما تشدق وزير الحرب الصهيوني وأكدت الدول الغربية الداعمة للاحتلال بشاعة تصريحه قولا وفعلا شخصية إبداعية مقاومة من الماضي تود لقاءها وماذا ستقول لها فلسطين مستودع للمقاومة وفي كل عصر هناك أبطال ومبدعون حملوا القضية في حبر الأقلام ورصاص البنادق فلسطين تنمو وتفيض كل يوم بمبدع ومقاوم رغم كل المجازر لذا سحائب الأسماء تمطر في عقلي الآن مئات الأسماء لكن ما زالت المرأة الفلسطينية المقاومة البطلة تأسرني ليلى خالد في صورتها الهادئة المطبوعة في أذهاننا جميعا وهي تحمل البندقية وترتدي الكوفية وترنو ساهمة تجعلني أسال نفسي كيف لتلك الفتاة الخجلة أن تحمل شجاعة النسور وتحطم نظريات العرب القديمة عن الرجولة والسيف أتمنى أن يتيح لي القدر شرف لقائها في يوم لسؤالها عن رؤيتها للمعركة وكيف تفاعلت مع عالم ما بعد 7 أكتوبر وأيضا سؤالها عن تجربتها الإنسانية الكبيرة وسط جيل مقاوم عاصرته وعاشت معه تفاصيل النبل والبطولة خلاصنا جميعا في الخلاص من الصهيونية كلمة تقولها للناس في غزة كل الكلمات هنا ضائعة ولكن لا عزاء لهم ولنا إلا في قول صبرا أهل غزة فإن موعدكم باحات الأقصى وفضاء الزيتون في جنين والخليل والأغوار وما النصر إلا صبر ساعة كلمة تقولها للإنسان العربي في كل مكان خلاصنا جميعا في الخلاص من الصهيونية فهي أم الشرور في محيطنا العربي حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البياع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان ماذا تريدين من العالم أجابت رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين الحق نافذة يا دارين نافذة للرؤية والسمع وسنرى منها قريبا مروجنا الخضراء وهي حرة ونسمع منها وقع خطوات عودة العائدين بطاقةكاتب وباحث موسيقي من مواليد الإسكندرية عام 1992 حاصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية بالإضافة لدراسته الموسيقى العربية نشر العديد من المقالات والأبحاث حول الأدب العربي والتراث الغنائي والموسيقى الشرقية وصدر له أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي 2023 الحائز على جائزة الدولة التشجيعية في مجال العلوم الاجتماعية فرع التاريخ والآثار وحفظ التراث كما شارك في كتابي وطن اسمه فيروز 2023 وذاكرة أكتوبر تجليات الحرب في الثقافة المصرية 2024 مع مجموعة من الباحثين المصريين

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح