مع غزة فتحي عبد السميع

٣٠ مشاهدة
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزة وكيف أثر على إنتاجه وحياته اليومية وبعض ما يود مشاركته مع القراء يجب أن تكون قضيتنا الأولى هي الحرية ومتى تحررنا سقطت كل المشكلات يقول الشاعر والباحث المصري لـالعربي الجديد ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوان على غزة الخوف من المستقبل بسبب طغيان الشعور بالعار والعجز والانشغال بسبب استسلام وهمود العالم العربي إلى هذه الدرجة التي تفوق ما يريده العدو الصهيوني والعالم الغربي من شعوبنا كيف أثر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية وضعنا العدوان أمام صورتنا الحقيقية ككائنات مستعبدة تملك حق الألم ولا تملك حق الصراخ لقد كشف العدوان حجم التحديات التي تواجهنا وبؤس قدرتنا على الفعل وأحدث شرخا كبيرا في أعماقنا لا بسبب الفظائع التي تم ارتكابها في حق النساء والشيوخ والأطفال والبيوت بل بسبب تخاذلنا الشديد الذي أفقدنا القدرة على الحياة السليمة أو المعتادة وصارت انشغالاتنا اليومية مجرد هرب من هويتنا المأزومة وصورتنا المخجلة إلى أي درجة تشعر بأن العمل الإبداعي ممكن وفعال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم العمل الإبداعي وخاصة الأدبي لا يستطيع فعل أي شيء اليوم لأننا لا نحتاج إلى كلمات تكشف بشاعة الواقع وقبح العدو والدول الغربية التي تدعمه دون قيد أو شرط لأن ذلك ظاهر جدا لا نحتاج إلى كلمات توجه مشاعرنا نحو المأساة لأن مشاعرنا متأججة بفعل المشاهد التي تنقلها الشاشات ربما كانت الأعمال الأدبية تلعب دورا إيجابيا في منتصف القرن الماضي لكنها الآن تؤدي وظيفتها الأساسية وهي تغيير الإنسان من الداخل وتلك العملية تحدث ببطء شديد وتظهر نتائجها على المستوى البعيد العمل الإبداعي يشبه الشجرة التي تطرح ثمارها بعد وقت طويل أنا من أبناء أطفال الحجارة كانوا سببا في كتابتي للشعر لو قيض لك البدء من جديد هل ستختار المجال الإبداعي أم مجالا آخر كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني سوف أختار المجال الإبداعي لأن الشعر يحتوي المجالات كلها ويتحرر من سلبياتها فالسياسي بلا شعر مشروع طاغية مستبد وكذلك المناضل سوف أختار الشعر لأنه الأنسب لقدراتي وموقعي الجغرافي ولأن الشعر عظيم جدا ومشكلته هي عدم الوعي بأهميته وقدرته على تحرير الإنسان وبناء حياة داخلية عظيمة ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم أريد الخلاص من أميركا وأتباعها كقوة مهيمنة ومتسلطة على بلداننا لأنها اللص الكبير الذي يسرق ثرواتنا ويقضي على حريتنا ويجمد مسيرتنا الحضارية ويزرع كل مكان بالفخاخ والألغام وهذا الخلاص ليس مستحيلا بل هو في المتناول متى كافحنا من أجل امتلاك حريتنا وإرادتنا تحولنا إلى كائنات تملك حق الألم ولا تملك حق الصراخ شخصية إبداعية مقاومة من الماضي تود لقاءها وماذا ستقول لها أود لقاء عنترة بن شداد رمز الشرف العربي والنضال الإنساني العظيم لكنني لا أتخيله حرا طليقا لقد فقدت القدرة على تخيل العربي حرا طليقا ولا شك في أنني سوف ألتقي به وهو مقيد بالسلاسل الحديدية المغروزة في الجدران للأسف وسوف أبكي بين يديه بمجرد رؤيته وأقول لم يبق من العرب سوى عمارة الزيادي وقد طبعوا منه ملايين النسخ ونشروها في كل مكان كلمة تقولها للناس في غزة أنا جزء من الجبن العربي ولا أستطيع رفع رأسي أمامهم أفتخر بالصمود العظيم والمبهر للناس في غزة ويحزنني الثمن الفادح الذي دفعوه لا أعرف ماذا أقول لهم سوى طلب العفو والتعلل بأنني محاصر مثلهم همود العالم العربي يفوق ما يريده العدو الصهيوني كلمة تقولها للإنسان العربي في كل مكان نحن أقوياء جدا ويمكننا الوجود في العالم كقوة عظمى أو محترمة لا ينقصنا أي شيء سوى الحرية التي تمكننا من استثمار قدراتنا الهائلة لسنا أقل من الإنسان الياباني أو الألماني كل البشر يحملون نفس القدرات الحرية هي المشكلة الأساسية لا أميركا ولا العدو الصهيوني لقد فقدنا أنفسنا ومن ثم كان هذا الضعف والعجز والخزي الهائل ومتى امتلكنا أنفسنا امتلكنا كل شيء يجب أن تكون قضيتنا الأولى هي الحرية ومتى تحررنا سقطت كل المشكلات بالتدريج وحققنا وجودنا المحترم في العالم حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البياع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان ماذا تريدين من العالم أجابت رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين لقد تعلمت من أطفال فلسطين الكثير وقد قلت في كتابي الشاعر والطفل والحجر إنني من أبناء أطفال الحجارة لأنهم كانوا سببا في اتجاهي نحو كتابة الشعر ووضحت ذلك بالتفصيل في الكتاب لقد كنت مبهورا بهم في بدايتي لكنني الآن مصدوم بسبب جروحهم العميقة وانكساراتهم الكبيرة مصدوم بالأهوال التي يعيشون فيها مصدوم في الإنسانية التي تخلت عن شرفها وتركتهم يواجهون هذا المصير لا يوجد لدي ما أقوله سوى طلب الصفح بطاقة شاعر وباحث في التراث الشعبي والأنثروبولوجيا مواليد محافظة قنا بأقصى جنوب مصر 1963 صدر له في الشعر الخيط في يدي 1997 وتقطيبة المحارب 1999 وخازنة الماء 2002 وفراشة في الدخان 2002 وتمثال رملي 2012 والموتى يقفزون من النافذة 2013 وأحد عشر ظلا لحجر 2016 وعظامي شفافة وهذا يكفي 2022 كما صدر له في النقد والاجتماع الجميلة والمقدس 2014 والقربان البديل طقوس المصالحات الثأرية 2015 وشعرية الحدث مختارات وقراءة نقدية 2015 والشاعر والطفل والحجر 2016 ووجوه شهريار 2022 حصل على جائزة الدولة التشجيعية في علم الاجتماع لعام 2016 وجائزة الدولة للتفوق في الآداب لعام 2023 وهو رئيس تحرير سلسلة الإبداع الشعري التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح