مع غزة عزيزة الطائي

٣٠ مشاهدة
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزة وكيف أثر على إنتاجه وحياته اليومية وبعض ما يود مشاركته مع القراء خذلناكم كثيرا ونحن نواصل الحياة وكأن أمركم لا يعنينا تقول الكاتبة العمانية في لقائها مع العربي الجديد ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوان إبادة على غزة أقسى هاجس يشغلني هذه الأيام وأنا أتابع ما يجري من أحداث مشحونة بالإبادة والدمار محقونة بالماء والدخان هو أن الإنسان أصبح أرقاما تتزايد ولا حد لها من تناثر الهشيم وتصاعد الدخان أشعر أمام هذه المشاهد التي تتوالى علينا على شاشات التلفاز أن المجرم الصهيوني أينما كان فاقد للرحمة ومتعطش للدمار فهو كالنار العطشى التي تريد المزيد من الأطفال والنساء والشباب والرجال كي يكونوا وقودا لها أشعر بالخيبة والخذلان وأننا كعرب لا قيمة لنا ولا رأي ولا إرادة شعوب تصارع الألم ترتجي الأمان والسلام والاطمئنان بينما قادتها يغمرهم الجبن والخوف والنفاق أمام جبروت العالم وحب الكراسي الهزازة ووجاهة الرئاسة تيقنت أن معاني الإنسانية غائبة في زمن الدمار والبطش ولا توازيها سوى التصريحات المنمقة والمواقف الخجولة والمؤتمرات المزركشة أمام فجيعة اليتامى والثكالى والأرامل والشهداء كيف أثر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية أصبحت أقل شغفا وأملا وحيوية وأكثر وجعا وألما وعزلة مع تتبع الأخبار والتصريحات والمشاهد كرهت محيطي وتوجست من عالمي الذي أحب وأيقنت أنني لا أملك كامرأة عربية وصاحبة قلم سوى الرأي والحبر الذي أسطره على ورقة بيضاء مدادها من الرماد والدم بداية كنت أكتب عبارات معطوبة خجلى أسطر معانيها بأسى وخجل على قنوات التواصل وفي عزلتي وبين حاسوبي أكتب نصا لعله يصل لفلسطين التي عدت من أحد بقاعها قبل شهور بسيطة كانت بالنسبة لي زيارة الحلم التي أكرمني الله فيها برؤية رام الله وما يحيط بها حتى كانت زيارة التحدي والمشقة للقدس والصلاة في محراب مسجدها الأقصى بدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية كان هذا النص يسير في ضفة حالمة دافئة عازمة وآل بعد أحداث السابع من تشرين الأول أكتوبر إلى وجهة أخرى انقلبت فيها كل الموازين والمعايير حتى أصبحت الكتابة لامرأة مثلي موصودة الأبواب إلا عن القهر والشتات والضياع لمن حولت أجسادهم الإبادة الصهيونية والعالمية التي لا علاقة لها بالإنسانية إلى موائد للافتراس وأرواحهم مآذن للهمجية إلى أي درجة تشعرين أن العمل الإبداعي ممكن وفعال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم إلى حد كبير فلا شيء على هذه البسيطة يؤرخ الحياة ويفضح المؤامرات ويجسد المشاهد ويكشف المساعي كما العمل الإبداعي مهما كان نوعه فالقلم هو الترجمان الذي يفصح عما يستطيع قوله الحكيم عندما تختل العدالة الإنسانية ويوصل الحقيقة بما يكتنزه حبره من قدرة كاشفة وشفيفة وصادقة من خلال مرآة الإنسان والتقاطاته يبقى القلم هو خليفة الأحداث الزمنية عبر الأمكنة بين دفتي كتاب محفوظا موثقا بالكلمة والصورة بالرأي والوجدان بالمعاني والفكر بالحقيقة والحلم من رحم المكان وعتق الزمن ويبقى الخلود للقلم الإنساني الصادق الذي يعري واقع الحال في فترة زمنية ما ويبقى الكاتب الملتزم هو وريث الأبرياء وخليفة الله في الأرض علمتمونا أطفال فلسطين أن التمسك بالأرض فضيلة لو قيض لك البدء من جديد هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالا آخر كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني من وجهة نظري المتواضعة فإن المجال الإبداعي هو جزء لا يتجزأ من النضال القومي والمعترك الإنساني والمنخرط السياسي بمعنى أن الإبداع هو الذي يستطيع تشكيل ونحت وجهة إنسانية تتحقق فيها العدالة والحرية والمساواة فهذه كلها قضايا تدور في الدائرة نفسها وتتصارع في الحلبة الإنسانية ذاتها فالكاتب الملتزم والمثقف هو الذي يعيش إشكاليات واقعه ويستلهمها من مرجعياته لذلك نراه يكتب لأجل النضال ويرحل مع الوجود ويشخص حال الإنسان وهو بهذا يدخل ضمن المعترك السياسي والنشاط الاجتماعي وما النص الإبداعي سردا أو شعرا متخيلا أو ذاتيا إلا سليل رؤية الكاتب وقناعاته ورؤاه ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم عالم بلا حروب بلا بطش بلا قهر تكسوه العدالة والمساواة والحرية لأجل إنسانية الإنسان لا حزبية ولا طائفية ولا إثنية هذا حلمي الذي أنتظره وأعلم أنه صعب التحقق والمراد فنحن نصارع حياتنا في عالم مأزوم من أجل البقاء بعزة وكبرياء شخصية إبداعية مقاومة من الماضي تودين لقاءها وماذا ستقولين لها أود لقاء الأمير والمجاهد والشاعر والمؤرخ أسامة بن منقذ 488 584هـ الفارس الذي توسد وسادة العدو ونام على سريره لما يتمتع به من جرأة وبسالة وكرامة خاصة أنه جمع بين ثقافة الشرق والغرب ولأنه جمع عبر رحلته العمرية الطويلة العديد من الأنساق الثقافية أحاوره ليعلمني كيف نواجه الصعاب أمام طريق مليئة بالأشواك سأسله عن أبرز صفات جنود الصليبيين وعاداتهم وطباعهم وسأطلب منه تلقين العرب درسا في مواقف الصمود والإباء والكبرياء وسأحرر معه لقاء يكشف فيه عن الأسباب التي قادتهم لدخول بيت المقدس وأخيرا رأيه في طريق الخلاص الذي يقودنا للنصر ودخول بيت المقدس أمام مجريات الأحداث كأننا لا نرى هذه المجزرة المدمرة والمقتلة المستمرة كلمة تقولينها للناس في غزة لقد خذلناكم كثيرا ونحن نواصل الحياة وكأن أمركم لا يعنينا وكأننا لا نرى هذه المجزرة المدمرة والمقتلة المستمرة لقد تعلمنا منكم دروس الحياة في الصبر على الابتلاء والعيش بشموخ النبلاء والكرامة عند الابتلاء والتعفف مع ضيق الحياة أكتب هذه السطور ونحن على مشارف العيد فأقول العيد أن نراكم بخير بلا دمار يعصف بكم ولا إبادة تحرمنا منكم وأن تحتضنكم فلسطين جميعا بلا شتات كلمة تقولينها للإنسان العربي في كل مكان لا تنجر وراء أكاذيب السياسة فلو كان في الحكام خيرا لساروا بنا إلى حريتنا وكرامتنا وشموخنا ولاستطعنا إحياء الحضارة وقيادة العالم وإيقاف مجازره بفضل ما نملكه من كوادر عربية كلنا يعاني ويقاسي الألم والجوع ولكننا كشعوب لا حول لنا ولا قوة حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البياع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان ماذا تريدين من العالم أجابت رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين لك حق العتاب وإرسال الكلمات الموبخة نرفع لكم القبعة أطفال فلسطين وتحية كبيرة لكم من عمان فقد علمتمونا أن التمسك بالأرض فضيلة واليقين بالنصر شهادة وأن العزيمة والهمة هما سر بقاء الإنسان بكرامة وإباء لكم الأمل والحلم والنصر ولنا العجز والخذلان سيأتي اليوم الذي نمشي فيه خلف أطفال فلسطين الشرفاء سيتجدد الوطن العربي بكم وسنحصد بذور غرسكم عند منعطف الزمن الأخضر الذي يعدنا بالنصر القادم والمستقبل الجميل فنحن لسنا سوى على باب حلم أخضر ظلاله القلب وكلماته منسوجة ببذور الروح باسم جراح فلسطين سيثمر صمودكم بأغصان ثمارها يانعة على الأرض ببساط أخضر ورائحتها من زكاء دماء خطوات الجهاد الطويل بطاقة كاتبة وأكاديمية عمانية من مواليد عام 1970 حاصلة على دكتوراه في النقد الأدبي الحديث من جامعة تونس الأولى صدر لها في الرواية أرض الغياب 2013 وأصابع مريم 2020 وفي القصة ظلال العزلة 2014 وموج خارج البحر 2016 وفي الشعر نجمة الليل الأخيرة 2022 ومن إصدارتها في النقد الأدبي الذات في مرآة الكتابة 2019 والخطاب السردي العماني الأنواع والخصائص 1939 2010

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح