غرقى في الخبر الإسرائيلي
في كتابه صدمة المستقبل... المتغيرات في عالم الغد، نَظر ألفين توفلر، الأستاذ في جامعة كورنيل، إلى مصطلح الإغراق المعلوماتي (Information Overload) قاصدا تلك الوفرة الغامرة المؤدية لإتخام المرء بأكثر مما يستطيع معالجته، ما يودي بالمتلقي إلى حالة من القلق والتسمم المعلوماتي المشتت للعقل وهو ما يمكن تلمسه في تغطية الخبر الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة على غزة، إذ بالكاد يسبح المشاهدون والقراء، إن لم يكونوا قد غرقوا بالفعل، في موجات متتابعة على مدار الساعة تنقل كل شاردة وواردة وحكايات وشائعات وتعليقات واستطلاعات في وسائط إعلامية ومراكز بحثية في سياق حالة من السيولة الواسعة من جراء طفرة في الترجمة المكثفة، يعتقد كاتب هذه المطالعة أنها أسفرت عن حالة من الضجيج المعلوماتي ضررها أكبر من نفعها.
إنها فوضي ليست خلاقة، جعلت من وسائل إعلام عربية منصة لعرض التنابذات اليومية بين سياسيين وإعلاميين وجنرالات متقاعدين مشتاقين إلى دور يلعبونه، فتراهم يخرجون بمحتوى يدعم طموحهم السياسي أو مصالحهم، وسرعان ما نتلقفه ونترجمه، وهنا ينقسم الجمهور إلى أكثرية تتعامل مع المحتوى بسطحية فلا يمكنها معالجته، والنتيجة هي التلاعب بوعيها والسيطرة على إدراكها، في مقابل أقلية، تتلقى ما تؤمن بدقته، وتفلتر ما تعتقد خطأه أو عدم واقعيته، ومن ذلك تلك الأحاديث التي روجت لما يسمى بلعنة العقد الثامن وخوف إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق من حلولها وكل تلك الروايات، فكان أن تناقلتها قطاعات واسعة من الجماهير استهلكت تراجمها رغم أن ما يجري على أرض الواقع يتناقض معها.
تتضح تلك التناقضات لدى مقاربة التغطيات المتواترة منذ بداية الحرب، على سبيل المثال احتلال رفح والسيطرة على الحدود مع مصر، وقتها حوصر المتلقي بسيل من آراء مختلفة ومتضاربة لعسكريين وسياسيين إسرائيليين، فيهم من جزم أن رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو لن يفعلها، ومن رأى وجوب الدخول إليها لاستكمال المهمة، أو تلك الحالة المكثفة من نقل نتائج استطلاعات رأي متعاكسة، حتى إنك قد تجد واحدا مع الصفقة وآخر ضدها ولم يمر عليهما سوى ساعات، كما قد تقرأ نسبا
ارسال الخبر الى: