عودة الفينيق الجنوبي
بقلم . منصور صالح
بشموخٍ يليق بالتاريخ، وبعزّةٍ تليق بالأوطان التي لا تنحني، عادت ساحة العروض بخور مكسر لتزفّ إلينا بشارةً جديدة من بشارات النصر.
ساحة العروض – أو ساحة الشهداء كما أحبّ أبطال الحراك الجنوبي أن يسمّوها – تستعيد اليوم دورها الأول في رسم خريطةمستقبل الوطن الجنوبي هنا، حيث احتضنت أولى موجات الوعي الجنوبي، واستقبلت مهرجان تفويض القائد لاستعادة الجنوب، تعود لتعلن اكتمال جهود بناء مؤسساته مدنيًا وعسكريًا، وغدًا – بإذن الله، وبإرادة الأحرار – ستعلن قيام دولته، وما ذلك على الله ثم على الأبطال بعزيز.
ها هو الجنوب اليوم يعود، ليس عودةً عابرة ولا صحوةً عادية، بل قيامة كاملة تشبه خروج العنقاء حين تشقّ الرماد لتصنع سماءها الجديدة، وتشبه عودة طائر الفينيق الذي لا يولد إلا حين تتّقد النار حوله شاهدًا على خلوده وقدرته على الانبعاث.
مجدداً ينهض الجنوب، وقبل هذا النهوض العظيم كان هناك رجالٌ حملوا جمرة القضية في أكفّهم، حين وقفوا في ساحات النضال السلمي يوم كان مجرد الوقوف جريمة، ويوم كان رفع العلم يستدعي الإبادة بقذيفة دوشكا،وما وضاح البدوي إلا شاهدٌ حيّ وشهيدٌ خالدٌ على تلك المرحلة القاسية.
سنواتٌ عصيبة شقّ فيها مناضلو الحراك السلمي الطريق الأولى.
كان الصوت وحده سلاحًا، والهتاف درعًا، والإصرار بوابةً نحو الأمل.
كانوا الطليعة التي هزّت الجدران، وأربكت الطغاة، وأعادت للجنوب ذاكرته وحقه في أن يحلم.
لم يكن النضال السلمي قدرًا ثابتًا؛ فحين نضجت الظروف واستدعت الحاجة، جاءت المقاومة الجنوبية لتكمل ما بدأه أولئك السلميون الشجعان، بقيادة رجالٍ واجهوا الموت بصدورٍ عارية وقلوبٍ لا تُقهر.
فكانوا الزلزال الذي سقطت أمامه عروش الغطرسة، والعاصفة التي بددت أوهام السيطرة، والنصل الذي شقّ طريق التحرير.
اختلطت دماؤهم بتراب الأرض، فاستيقظ الجنوب من سباته الطويل، واستعاد ملامحه التي حاولت الطغاة والغزاة طمسها.
وحين التقت تضحيات الساحات ببطولات الجبهات، واجتمع الصوت السلمي مع البندقية الوطنية، اكتمل الجنوب في صورته الجديدة:
جنوبٌ يعرف نفسه، ويعرف طريقه، ويؤمن أن السيادة تُنتزع ولا تُمنح.
والرسالة التي تحملها هذه
ارسال الخبر الى: