عوائد سندات الحكومة تنعكس سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي
٧٩ مشاهدة
قبل ثلاثة أسابيع تجاوز العائد على سندات الحكومة الإسرائيلية المقومة بالشيكل استحقاق عشر سنوات 5 للمرة الأولى منذ عام 2011 ما عكس تراجع الطلب عليها وأنذر بانعكاسات سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي الذي ما زال يكافح تبعات حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة المحاصر ورغم تراجع العائد في الأيام الأخيرة ووصوله إلى نسبة 4 85 يكشف الفحص المتعمق بوضوح عدم استقرار الأوضاع في سوق الأوراق المالية في دولة الاحتلال حيث شهدت السندات الإسرائيلية التي كانت نموذجا للاستقرار إلى حد بعيد تقلبات شديدة خلال الأشهر الأخيرة وتحديدا منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي وأفاد موقع غلوبس العبري بأن تراجع العائد على السندات الإسرائيلية جاء نتيجة لتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية الأكثر أمانا في العالم في أعقاب صدور أرقام التضخم لشهر مايو أيار والتي أظهرت تباطؤ ارتفاع الأسعار في الاقتصاد الأكبر بالعالم وفي حين تترقب السوق في الولايات المتحدة خفضا وشيكا لسعر الفائدة لا تبدو الصورة مماثلة في تل أبيب في ضوء عدم اليقين الاقتصادي والأمني الفجوة بين تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي الرسمي والسوق ومن أجل فهم مدى رؤية المستثمرين الأجانب لإسرائيل كاستثمار محفوف بالمخاطر هذه الأيام قال غلوبس إنه من الضروري النظر إلى رقم آخر إلى جانب السندات المقومة بالشيكل وهو الفارق بين عائد السندات الدولارية الإسرائيلية وعائد السندات المماثلة للدول الأخرى كونه يعكس اختلاف معامل المخاطرة بين البلدان وتفرض أسواق المال على البلد ذي المخاطر المرتفعة تحمل تكلفة أعلى للتمويل حتى يتمكن من اجتذاب أموال المستثمرين واعتاد المستثمرون في أنحاء العالم على النظر إلى سندات العشر سنوات في الاقتصادات المختلفة للحصول على تصور دقيق لقدر الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلد المعني ومنذ الأشهر الأولى للحرب شهدت الأسواق فارقا كبيرا بين العائدات في إسرائيل والولايات المتحدة على الرغم من أن التصنيف السيادي لإسرائيل من وكالات التصنيف الكبرى مثل ستاندرد آند بورز وموديز مرتفع إلى حد ما إلا أنه في الممارسة العملية تعاقب الأسواق إسرائيل وتسعر مخاطر أعلى كثيرا مما يفترض أن يعكسه التصنيف الائتماني لها وتسعر الأسواق حاليا إسرائيل دولة ذات تصنيف BBB وفي الأيام القليلة الماضية كان هناك المزيد من التدهور وبدأت العائدات المطلوبة على سندات إسرائيل المقومة بالدولار تقترب من مستوى الاقتصادات النامية ذات التصنيف BB وأوضح غلوبس أن سندات إسرائيل المقومة بالدولار يتم تسعيرها حاليا على أنها تحمل مخاطر أعلى من سندات دول مثل المجر والبيرو والمكسيك وفي الواقع يقترب تسعير السندات من مستويات رومانيا وجمهورية الدومينيكان ويتجاوز الفارق في العائد بين سندات الحكومة الإسرائيلية بالدولار لعشر سنوات ومثيلتها الأميركية 1 75 في حين يبلغ الفارق بالنسبة لجمهورية الدومينيكان 2 05 بينما لا يتجاوز فارق العائد بين سندات هونغ كونغ والسندات الأميركية 0 1 وسلط مودي شافرير كبير استراتيجيي الأسواق المالية في بنك هبوعليم الضوء على حقيقة أن وضع إسرائيل مستمر في التدهور حيث أشار إلى أن متوسط الفارق في البلدان ذات التصنيف BBB هو 1 5 فقط وقال نحن لسنا في تصنيف عالي المخاطر لكن علاوة المخاطرة في إسرائيل مستمرة في الارتفاع مقارنة بالدول الأخرى وعلى الرغم من أن أغلب المحللين يرجعون ارتفاع فارق عوائد السندات الإسرائيلية عن الأميركية إلى عدم اليقين الناجم عن الحرب فإنه من المؤكد أيضا أن زيادة اقتراض وزارة المالية الإسرائيلية بنحو 70 كان لها دور أيضا في اضطرارها لدفع معدل فائدة أعلى للتمكن من جمع تلك الأموال وعلى الرغم من أن العائد على السندات بالعملة المحلية ما زال أقل منه على السندات الدولارية حيث تقل المخاطر في السندات المحلية فإنه ما زال أعلى كثيرا من المستويات التي كانت معتادة قبل الحرب عدم اليقين في الاقتصاد الإسرائيلي وعجز الميزانية وأشار غلوبس إلى أرقام في أسواق أخرى مما يعكس تردي وضع الاقتصاد الإسرائيلي وأورد مقايضة التخلف عن السداد CDS أو ما يعرف بتكلفة التأمين على الديون الإسرائيلية بالدولار موردا أن التكلفة الحالية والتي تمثل علاوة مخاطر الديون الإسرائيلية لعشر سنوات تبلغ ضعف ما كانت عليه قبل الحرب أو أكثر وقال أليكس زابيزينسكي كبير الاقتصاديين في صندوق الاستثمار ميتاف داش لـغلوبس علاوات المخاطر لإسرائيل في الأسواق الدولية أعلى بكثير مما يمكن أن يستمد من تصنيفها الائتماني في الواقع في السوق المحلية كان هناك اتساع في الفجوة بين السندات الإسرائيلية وسندات الحكومة الأميركية لقد وصلت عوائد السندات إلى مستويات لم نشهدها منذ عقد من الزمان وهذه علامة على ارتفاع علاوات المخاطر وأوضح زابيزينسكي أن إحدى ردات الفعل المحتملة هو أن بنك إسرائيل المركزي يمكن أن يتدخل في حالة اختلال سوق السندات المحلية كما فعل بنك إنكلترا في المملكة المتحدة قبل عامين ومع ذلك أولا وقبل كل شيء يجب على الحكومة وليس بنك إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لأنه إلى جانب التطورات على الجانب الأمني يولي المستثمرون اهتماما خاصا لمصداقية السياسات الاقتصادية للحكومة بحسب زابيزينسكي ويأتي الارتفاع في العائد المطلوب للاستثمار في إسرائيل على خلفية إشكالية خاصة بالسياسة المالية حيث تضخم العجز المالي في إسرائيل إلى 7 2 من الناتج المحلي الإجمالي في الشهر الماضي وتشير وزارة المالية إلى أنه حتى لو لم تشتعل الحرب فإن الإنفاق الحكومي كان ليرتفع بنسبة 10 حتى الآن هذا العام مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي كيف انتهت مثل هذه الحالات في بلدان أخرى إن نظرة سريعة على مثالين حاليين تقدم لمحة عما يمكن أن يحدث في الاقتصاد الإسرائيلي إذا استمر الوضع على ما هو عليه والخلاصة بحسب غلوبس أنه بشكل عام عندما تتضرر ثقة المستثمرين وترتفع علاوة المخاطرة فإن الأمر ينتهي بشكل سيئ للغاية وعندما يحدث هذا فإن كل الأنظار تتجه نحو التدابير التي تتبناها الحكومة وإذا لم تثبت مصداقيتها فإن الوضع قد يتدهور بسرعة مما يؤدي إلى تآكل سريع للعملة وارتفاع عوائد السندات وفي المكسيك على سبيل المثال انخفضت قيمة البيزو بشكل حاد هذا الشهر وكان السبب وفقا لشافرير من بنك هبوعليم يكمن في انتخاب رئيسة تنوي تعزيز الإصلاحات القانونية المثيرة للجدل وقد أدى الخوف من مثل هذه التحركات إلى انخفاض قيمة العملة بما يزيد عن 10 وجاء المثال الآخر من المملكة المتحدة قبل عامين عندما حاولت رئيسة الوزراء آنذاك ليز تراس تنفيذ برنامج اقتصادي واسع النطاق خلال فترة ارتفاع التضخم حيث ارتفعت عوائد سندات الحكومة البريطانية واضطر بنك إنكلترا إلى التدخل في السوق لمنع الانهيار الذي كان ليوجه ضربة قاسية لمعاشات التقاعد في المملكة المتحدة وغادرت تراس داونينغ ستريت بعد 46 يوما فقط من توليها منصبها وتوضح هذه الأمثلة المخاطر والعواقب الاقتصادية المترتبة على فقدان ثقة المستثمرين في السياسة الاقتصادية ويقول شافرير الحالات التي حدثت كانت في بلدان تتمتع بوضع جيوسياسي أفضل بكثير من وضعنا مما يعيد إلى الأذهان الخطر على الاقتصاد الإسرائيلي