نهاية عهد منصات البروباغاندا في المكتبات السورية
مع استعادة الحياة الطبيعية في سورية، ما بعد نظام الأسد، بدأت وزارة الثقافة بالعمل نحو تفعيل المكتبات العامة، بُغية توظيفها في مسار التعافي مما حدث لها طيلة عقود من سيطرة نظام الأسد على كل جوانب الحياة في البلاد، فظهرت خطوات عملية لإحياء المكتبة الأكبر في العاصمة، بدءاً من إعادة تسميتها لتصبح المكتبة الوطنية، مروراً بإطلاق ورشات صيانة وترميم، وصولاً إلى إعادة النظر في رسالتها الثقافية.
وضمن هذا التصور، لم يعد الهدف محصوراً بحماية مجموعات الكتب المطبوعة والمخطوطات، بل بتأسيس فضاء ثقافي مفتوح قادر على دعم المشهد الثقافي عبر فعاليات جديدة، ومسابقات إبداعية، ومبادرات تُعيد إدماج المكتبة في هوية دمشق المتجددة.
وفي حلب، كان المشهد متقارباً إلى حدّ بعيد. فقد استردت دار الكتب الوطنية موقعها شيئاً فشيئاً بوصفها منبراً للثقافة المحلية، لكن التركيز اتجه أيضاً نحو المكتبة الوقفية، وهي مؤسسة عريقة تتبع لوزارة الأوقاف وتختزن إرثاً كبيراً من المخطوطات والوثائق. وقد شهدت هذه المؤسسة قبل أيام إطلاق المؤتمر الدولي لإحياء المكتبة الوقفية في حلب تحت شعار لافت: استعادة الماضي لبناء المستقبل، برعاية مشتركة من وزارتي الثقافة والأوقاف، في محاولة لإعادة وصل المدينة بذاكرتها العلمية، وإحياء الدور الذي لعبته حلب طيلة قرون مركزاً للمعارف والفنون.
شكّلت المكتبات جزءاً من البروباغندا التي اعتمدها نظام الأسد
شكّلت المكتبات العامة، وعلى رأسها مكتبة الأسد في دمشق، جزءاً من آلة البروباغندا التي اعتمد عليها النظام الأسدي لتثبيت روايته حول ما جرى في البلاد خلال سنوات الثورة. فهذه المؤسسات، التي يُفترض أن تكون فضاءات للمعرفة والانفتاح، تحولت عملياً إلى منصات ثقافية وإعلامية تُدار وفق رؤية أمنية صارمة، ويُطلب منها إنتاج فعاليات وأنشطة تُجسّد خطاب النظام وتُعزّز شرعيته المتآكلة.
لهذا السبب، لم يكن مستغرباً أن تتحول المكتبات إلى أحد الرموز المستهدفة خلال الساعات الأولى من سقوط النظام. فالدخول إلى مكتبة الأسد في ساحة الأمويين كان أشبه باقتحام مبنى سيادي، لكن أقدام المنتصرين توقفت عند البوابة الداخلية، إذ ظهر واضحاً أن تحطيمهم تمثال حافظ الأسد القابع في الساحة منذ
ارسال الخبر الى: