يلاحظ ازدياد نسبة العنف في مدارس تونس إلى درجة استخدام وسائل حادة ويحذر خبراء في مجال التعليم من خطورة الوضع داعين إلى ضرورة العمل على إيجاد حلول خلال الأسابيع الأخيرة شهدت مدارس تونسية أحداثا عنفية من قبل التلاميذ الأمر الذي أثار جدلا كبيرا في المجتمع وسط خوف من تنامي هذه الظاهرة وتطور أشكالها بعد تسجيل حالات استخدم فيها التلاميذ وسائل حادة وبدأت سلسلة الاعتداءات العنيفة في المؤسسات التعليمية منذ سنوات وباتت أكثر حدة خلال الأشهر الماضية بعدما اعتدت تلميذة في معهد حكومي في مدينة بئر علي بن خليفة جنوب تونس في الرابع من مايو أيار الحالي على أستاذها بشفرة حلاقة ما أدى إلى إصابته بجروح بليغة وأعلنت دائرة قضائية في محكمة بن عروس يوم 23 إبريل نيسان الماضي إحدى مدن العاصمة الكبرى عن وفاة تلميذ يبلغ من العمر 13 عاما إثر ركله من قبل آخر يبلغ من العمر 17 عاما على معدته بقوة وقبل أيام من وقوع الحادثتين حاول تلميذ لا يتجاوز عمره الـ 15 عاما الاعتداء على أستاذه داخل الفصل بآلة حادة وسجلت الحادثة في مدرسة إعدادية بمحافظة القيروان في الوسط الغربي وفجرت الحوادث المتتالية جدلا كبيرا في المجتمع التونسي بعد رصد انحرافات سلوكية خطيرة في الأوساط المدرسية وسط مطالب بتفعيل خطط سريعة لاحتواء هذه الظاهرة وإيجاد حلول لاستيعاب اليافعين وحمايتهم من المخاطر ويقدر الخبراء في علوم التربية عدد حالات العنف في المدارس بثلاثة آلاف حالة سنويا وخلال السنوات الأخيرة في تونس شهدت البلاد حوادث عنف مماثلة هزت الرأي العام ومست حرمة المؤسسات التعليمية ودورها في التنشئة من بينها اعتداء تلميذ على أستاذه بساطور ومحاولة آخر الاعتداء على أستاذة بسيف ورمي ثالث ملابس داخلية على أستاذه داخل القسم ويقر مدير المرحلة الإعدادية والثانوية بوزارة التربية أحمد السليمي بوجود مؤشرات على تنامي العنف المدرسي منذ عام 2006 وحذر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو من تنامي الظاهرة ونبه إلى خطورة أن تصبح على مستوى الممارسة داخل المدارس ويقول للإذاعة الحكومية إن ظاهرة العنف متفشية أكثر في المدن الكبرى على غرار محافظات تونس الكبرى وصفاقس وسوسة والمنستير مضيفا أن العنف غالبا ما يصدر عن طلاب يعانون من ضعف النتائج المدرسية مؤكدا أن ثلثي التلاميذ الذين أحيلوا إلى مجالس التربية نتائجهم المدرسية هزيلة ويعزو السليمي تفشي هذه الظاهرة إلى فقدان الضوابط الاجتماعية مشيرا إلى تراجع الدور في تأطير ومرافقة الأبناء لأسباب عدة أبرزها التفكك العائلي الناجم عن الطلاق أو الانفصال ويؤكد ضرورة أن تكون التربية من أولويات وزارته تليها وظائف التعليم والتكوين مشددا على ضرورة توجيه الجهد نحو التنشئة السليمة للتلاميذ وتنمية شخصياتهم لتفادي الانحرافات السلوكية التي ينتج عنها العنف بمختلف أشكاله وغالبا ما تحضر المؤسسات التعليمية ضمن الفضاءات التي يرتكب فيها العنف في التقارير التي يصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ويرى رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني أن تواتر حالات العنف في الوسط المدرسي أدى إلى نوع من التطبيع مع هذه الظاهرة ويقول لـ العربي الجديد إن العنف انتقل من محيط المؤسسات التربوية إلى داخل قاعات التدريس معتبرا أن العنف من الأمراض الخبيثة التي تنخر المدرسة التونسية ويرجح أن تظهر انعكاسات الأمر في المجتمع على المديين القريب والمتوسط ويدعو إلى ضرورة معالجة الظاهرة ميدانيا وتشخيص الأسباب الحقيقية وأخذ كل الاحتياطات الممكنة لضمان عدم تكرر الحالات من جهته يربط الباحث في علم الاجتماع ماهر حنين العنف المدرسي بجودة التعليم موضحا أنه كلما تراجعت جودة العملية التعليمية زاد منسوب العنف داخل الوسط المدرسي وفي محيطه ويقول لـ العربي الجديد هناك ارتباط بين ارتفاع منسوب العنف المدرسي وتطور أشكاله من خلال انتشار العنف والجريمة في هذا الفضاء العام وتفشي ظاهرة ترويج واستهلاك المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية ويشير إلى أن هذا الارتفاع يدخل في سياق الأحداث والوقائع التي عاشتها تونس خلال العشرية الأخيرة وما رافقتها من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية فضلا عن غياب الأطر اللازمة لاحتضان التلاميذ وحمايتهم ومن بينها دور الرياضة والثقافة والمراكز المتخصصة في التأطير والمرافقة النفسية للناشئة ويرى حنين أن جودة التعليم هي من جودة العلاقة التي تربط المدرس والمتعلم مؤكدا أن التلميذ الذي يكون متوافقا مع بيئته المدرسية ويجد العناصر الملائمة لنمو شعوره بالأمان والتقدير ولا يلجأ إلى السلوكيات العنيفة ويشير إلى أن المؤسسة التربوية لا يمكنها أن تواجه العنف إلا من خلال العمل على تحسين نفسها وتطوير المناخ المدرسي مشددا على أن جودة العملية التربوية والفضاء التعليمي تؤثر في معالجة الظواهر السلبية كالعنف أو الفشل أو الترسب التعليمي وبحسب بيانات لمرصد العنف المدرسي غالبا ما يحضر العنف في الأوساط الحضرية في مقابل انخفاض النسب في الأوساط الريفية وتم تسجيل 77 في المائة من حالات العنف في المجال الحضري في مقابل 23 في المائة في المجال القروي ما يوحي بأن العنف المدرسي حالة حضرية بامتياز ومع تصاعد موجات العنف المدرسي أعلنت وزارة التربية عن إطلاق تطبيق مرصد عين وهو عبارة عن منصة رقمية للإشعار الحيني والفوري عن حوادث العنف بالوسط المدرسي