عنصرا الشك والرفض
هل يعيش العالم كلّه في الوقت الحاضر أزمة فكرية، وأنه يخلو من أي نماذج اقتصادية متكاملة يمكن تحويلها من فكر إلى واقع يطمئن الناس فيه على أن أرزاقهم بحدها الأدنى الإنساني مضمونة، وأن التفاوت الكبير في الثراء يؤدي إلى ما سمّاه الاقتصادي الأميركي جون كينيث غالبريث بـالعداء القوي للفهم.
في عقد السبعينيات من القرن الماضي، وإبّان عهد الرئيس الأميركي الجمهوري ريتشارد نيكسون شهد الدولار انخفاضَين كبيرَين على سعر صرفه مقابل الذهب. وبلغت قيمة ذلك الانخفاض حوالى 40%، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، وسعر الفائدة على الودائع والقروض، وإلى التراجع الواضح في نسبة النمو. وما كاد عام 1973 ينقضي وتندلع حرب أكتوبر حتى أدرك الرئيس الأميركي أن الحروب وبخاصة حرب فيتنام، لا تخلق نمواً في الاقتصاد عن طريق بيع الأسلحة وإضعاف الأعداء، بل إنّ ثمنها سيكون باهظاً.
وقبل انتخاب الرئيس نيكسون في أواخر عام 1972 لفترة ثانية قام بإرسال وزير خارجيته، هنري كيسينجر، في زيارة سرية إلى الصين الشعبية خلال شهر يوليو/ تموز من عام 1971، وأرسله في زيارة ثانية مُعلنة في شهر أكتوبر/ تشرين الثاني من ذلك العام. وأدت تلك الزيارتان إلى تطبيع العلاقات مع الدولة الشيوعية، ومهدت الطريق لإنهاء حرب فيتنام خلال ربيع العام 1973.
ومن منّا لا يتذكر منظر الجنود الأميركيين وكثير من أهل فيتنام الذين حاربوا معهم وهم يركضون خلف طائرات الهيلوكوبتر طلباً للهروب والنجاة. وقد برزت تلك المشاهدات بوضوح في المسرحية الآنسة سايغون أو Miss Saigon التي استندت إلى الأوبرا الغنائية مدام باترفلاي والتي وضع موسيقاها بوتشيني. وقد اتخذت هذه القرارات الهامة حين بدأت اللوبيات الرأسمالية والمعتمدة على مبيعات الأسلحة وإشعال الحروب في محاصرة الرئيس نيكسون.
وقد أدى ذلك إلى ما يعرف لاحقاً بفضيحة ووترغيت. حين اكتشف صحافيان يعملان في صحيفة واشنطن بوست أن خمسة أشخاص من أصول كوبية كانوا قد تجسّسوا لصالح الرئيس نيكسون وبأوامر منه، ما أهاج الحزب الديمقراطي. وقد شهد العالم من خلال شاشات التلفزة الرئيس نيكسون يهان من مراسل المحطة
ارسال الخبر الى: