عملاء إسرائيل بين الدين والوطنية
يمني برس – بقلم – محمد محسن الجوهري
بما أن شعوب العالم كلها مجمعة على معاداة الكيان الصهيوني، فإن عملاء “إسرائيل” مضطرون لتغيير ثوبهم حسب الوطن والشعب الذي يعملون من داخله، فإذا كان أعداء الكيان هناك يرفعون راية الدين، فإنهم يرفعون شعار الوطنية، والعكس صحيح. فهم مرنون جداً بما يتناسب مع وضعية الكيان وحسب ما تقتضيه مصالحه.
ففي لبنان، حيث يتقدم أعداء “إسرائيل” بخطابٍ ديني معلن ويجاهرون بأن مقاومتهم للعدو تنطلق من عقيدة إيمانية، لم يجد العملاء وسيلة للطعن في هذه المقاومة إلا برفع شعار “الوطنية”. فبدأوا يروّجون بأن ما يقوم به المقاومون ليس دفاعاً عن لبنان وشعبه، بل محاولة لجرّ الوطن إلى صراعات خارجية وجعله جزءاً من “إمبراطورية دينية” تتجاوز حدوده. وحاولوا إقناع الناس بأن مواجهة الكيان الصهيوني ليست سوى مشروع مذهبي لا علاقة له بالمصلحة الوطنية، وأن كل تضحيات المقاومين ليست أكثر من خدمة لمشاريع عابرة للحدود. وتحت هذه اليافطة انضوى كل عميل وخائن، من يساريين وليبراليين وقوميين سابقين، لا يجمعهم رابط فكري أو سياسي، سوى الولاء للعدو والخضوع لإملاءاته، والاتفاق على هدف واحد: تشويه صورة المقاومة الإسلامية وعزلها عن بيئتها.
وفي الجارة سوريا، برز التناقض الأكبر، إذ أن النظام هناك كان يقوم على أساس قومي، ويرفع شعارات واضحة في العداء للكيان الصهيوني، كما قدّم دعماً سياسياً وعسكرياً للمقاومة في فلسطين ولبنان. ولأن شعار الوطنية لم يكن يخدم عملاء الصهيونية في تلك المرحلة، فقد لجأوا إلى رفع راية الدين، فاستقطبوا تحتها كل متطرف وجاهل، ليقاتلوا النظام تحت ذريعة “الجهاد” و”نصرة الإسلام”، بينما كانت نتائج أفعالهم تصب مباشرة في مصلحة الكيان. ولم يكن الهدف الحقيقي سوى إضعاف الدولة السورية وإسقاط النظام القومي الذي شكل سنداً للمقاومة.
لكن ما إن ضعفت بنية الدولة وظهرت فرص السيطرة، حتى انقلب هؤلاء العملاء إلى شعارات الوطنية، ليبرروا من خلالها تنصلهم عن فلسطين وانكفاؤهم داخل الحدود السورية، وليصوروا كل دعوة لمواجهة العدو بأنها تهديد “لمصالح الوطن”. وهكذا تحوّل الخطاب من “الجهاد في سبيل الله”
ارسال الخبر الى: