عمر النجدي والمعنى الروحاني للوحة

95 مشاهدة

منذ انفتاح المنطقة العربية على مفاهيم الحداثة الغربية، ظلّ هناك بحث مستمر عن صيغة تُوفّق بينها وبين الهوية الثقافية المتجذّرة في التاريخ. غير أن هذا السعي ظلّ إشكالياً بطبيعته، فغالباً ما ينطوي على قدرٍ من الوعي المأزوم بالذات، ويتحوّل البحث عن الأصالة أحياناً إلى ردّة فعل، لا إلى فعلٍ خلاقٍ من داخل التجربة نفسها. ومن ثمّ، يغدو استحضار التراث في بعض المحاولات الفنية نوعاً من التبرير النظري، أكثر منه استيعاباً حقيقياً لطاقته الجمالية والفكرية. في هذا الإطار، يمكن قراءة تجربة الفنان المصري عمر النجدي (1931 - 2019)، الذي يتواصل معرضه الاستعادي في غاليري بيكاسو بالقاهرة حتى نهاية الشهر الجاري، بوصفها مساحة تأمل في هذا السؤال المفتوح: كيف يمكن للتراث أن يتحوّل إلى لغة معاصرة دون أن يفقد جوهره أو يتحوّل إلى قناعٍ يُخفي وراءه هواجس الهوية؟

لا تقتصر التجربة الإبداعية لعمر النجدي على خط فني واحد أو وسيط بعينه، فمنذ بداياته في خمسينيات القرن الماضي، بدا وكأنه في سعي دائم لالتقاط جوهر اللحظة، وتحويله إلى أثر بصري متجدّد في رؤيته وتكوينه. تتجاور في أعماله تقنيات الحفر مع التصوير والرسم، والنحت مع الجداريات، كأنّ كل وسيط يفتح له نافذة جديدة على رؤية أكثر اتساعاً، لا تكتمل إلّا حين تتآلف العناصر جميعها في نسق واحد متماسك. ولعلّ المعرض المقام حالياً يتيح للزائر فرصة للتعرّف على بعض ملامح هذه التجربة الغنية. لا يستند المعرض إلى فكرة محدّدة يمكن الإمساك بها بسهولة، لكنّه بدا مثل خريطة مفتوحة تعكس ثراء التجربة واتساع رؤيتها البصرية.


السموّ الجمالي

كان عمر النجدي من الفنانين الذين وجدوا في التراث البصري الإسلامي والعربي منبعاً لأسئلتهم الجمالية. لم يكن استدعاؤه لهذه الجذور تكراراً أو زخرفة سطحية، بل انبثاق من روحانية عميقة تمسّ جوهر العمل الفني. كان يرى أن الفن الإسلامي بلغ درجة من السمو لم يصل إليها أيّ فن آخر، وأنه بفضل بنائه على عقيدة ورؤية كونية صار قادراً على أن يُلهم الفنان المعاصر بقدر ما ألهم المبدعين الغربيين من قبل.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح