عقبات أمام مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر
٥٢ مشاهدة
بعد إعلان وزارة الخارجية المصرية أواخر شهر مايو أيار الماضي عن عزم القاهرة على استضافة مؤتمر سوادني في يونيو حزيران الحالي أكدت مصادر دبلوماسية تحدثت لـالعربي الجديد أن التحرك المصري الجديد على صعيد الأزمة السودانية جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية بهدف الوصول إلى بناء سلام شامل ودائم في السودان عبر حوار سوداني سوداني فيما رأى متابعون أن عقد مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر في الثلاثين من يونيو الحالي يواجه تحديات وعقبات قد تحول دون نجاحه وأضافت المصادر الدبلوماسية التي تحدثت لـالعربي الجديد أن الإدارة الأميركية أجرت اتصالات أخيرا مع مصر من أجل الدفع باتجاه عملية سلام دائم في السودان نظرا لإدراك واشنطن خطورة تدهور الوضع في السودان وانعكاسه على أمن الإقليم بشكل عام في إشارة إلى الحرب الدائرة في السودان منذ 15 إبريل نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع ولفتت المصادر إلى أنه من جهة مصر تدرك القاهرة المآلات الخطيرة للحرب في السودان على مصالحها القومية وعلى رأسها الأمن المائي وتدفق المهاجرين ولذلك فإن أمن واستقرار السودان يعد ضرورة استراتيجية للأمن القومي المصري مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أصدرت بيانا في 28 مايو الماضي أعلنت فيه أن مصر ستستضيف في يونيو الحالي مؤتمرا للقوى المدنية السودانية في إطار حرصها على بذل كل الجهود الممكنة لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة التي يمر بها ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني وأمن واستقرار المنطقة لا سيما دول الجوار بحسب بيان الوزارة وبعد ساعات من الإعلان عن العزم على عقد مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر بشهر يونيو ردت الخارجية السودانية ببيان رهنت فيه نجاح المؤتمر بأن يكون هناك تمثيل حقيقي للغالبية الصامتة من الشعب السوداني ممن سفكت دماؤهم وانتهكت أعراضهم ونهبت ممتلكاتهم وقالت إن من يمثلهم هي المقاومة الشعبية وأضافت الوزارة أن أساس المشاركة يجب أن يكون على تأكيد الشرعية القائمة في البلاد وصيانة المؤسسات الوطنية على رأسها القوات المسلحة وطالبت الخارجية السودانية بتوضيح هوية الشركاء الدوليين الذين سيحضرون مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر مع تحديد دورهم مع رفض حضور رعاة من وصفتهم بـمليشيات الدعم السريع كما رفض بيان الخارجية السودانية تمثيل أي منظمة إقليمية أو دولية سكتت عن إدانة الدعم السريع مع رفض مشاركة الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا أيضا ما لم يسبق ذلك تنفيذ خطوات فعلية لرفع تجميد نشاط السودان في المنظمة القارية مع التشديد على حصر دور المنظمات الدولية المشاركة في المؤتمر بدور المراقب نجلاء مرعي تؤمن مصر بأن أي عملية مستقبلية ينبغي أن تشمل المكونين العسكريين المتحاربين ولكن الحل لن يكون إلا بالسودانيين أنفسهم وتأتي المبادرة المصرية بعدما فشلت مبادرات عديدة في إعادة الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي إلى طاولة الحوار مجددا علما أن الحرب السودانية دخلت عامها الثاني دون إحراز أي تقدم في المفاوضات منذ مايو 2023 وفي السياق رأت أستاذة العلوم السياسية والخبيرة في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي في حديث لـالعربي الجديد أن الهدف من جمع كل القوى السياسية السودانية في القاهرة وعقد مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في يونيو هو التوصل إلى توافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان وبرأيها فإنه من المنتظر أن يوفر المؤتمر فرصة لجمع القوى السياسية السودانية حول مائدة واحدة للتواصل والتفاهم ووضع نهاية للتشاحن الداخلي ووقف نزيف الدم السوداني وتسهيل نفاذ المساعدات من دون تهديد لأن السودان يعاني من كارثة إنسانية مشددة على أن مصر حريصة على أمن واستقرار السودان لأنه جزء من الأمن القومي المصري ولأن السودان يمثل الفناء الجنوبي لمصر كما لفتت الخبيرة الأفريقية إلى أن أي عملية مستقبلية تؤمن مصر بأنها ينبغي أن تشمل كل الأطراف والظاهر أمامنا حاليا المكونان العسكريان المتحاربان ولكن مصر تؤكد أن لا حل للأزمة السودانية إلا بالسودانيين أنفسهم وليس من الخارج كما ترى مصر برأيها أن أي حل لأي أزمة سياسية مستقبلية بعد انتهاء هذه المجازر يجب أن يشمل كل الأطراف الوطنية تأسيسا على احترام مبادئ سيادة الدولة ووحدة وسلامة الأرض السودانية وعدم التدخل في شؤون السودان الداخلية والحفاظ على مؤسسات الدولة وهذا ما أكدت عليه مصر في مؤتمر دول الجوار ولفتت مرعي إلى أن مصر حاولت أكثر من مرة حلحلة الأزمة باستضافة الأطراف في القاهرة ومع الشركاء الإقليميين السعودية والإمارات وهناك فرصة لاختراق الموقف الحالي بالنسبة لمصر لأن انعقاد مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر سيكون تحت مظلة دعم دولي محمد خليفة صديق ربما تفكر مصر في التخلي عن حذرها في التعامل السياسي مع السودان وأشارت مرعي إلى أن هناك ترحيبا سودانيا بالموقف وببيان الخارجية المصرية حول هذا المؤتمر لكن كانت هناك ملاحظات سودانية على البيان تتعلق بالأطراف المشاركة في هذا اللقاء على أن يضم الأطراف السياسية الصامتة في السودان وليس فقط من يحملون السلاح وأيضا كان هناك بحث بشأن الأطراف الخارجية المشاركة في هذا المؤتمر لا سيما الحديث عن رعاة مليشيا حميدتي في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ورفض مشاركتهم في هذا المؤتمر وأضافت أن مصر أكدت أن المشاركين الدوليين سيتركزون على ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد وعدد من الأطراف الإقليمية والشركاء في المنطقة أيضا وأضافت أن السودان في الرد على بيان الخارجية المصرية بشأن استضافة مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر الشهر الحالي كان يؤكد على ضرورة أن يتم تفعيل دور السودان في الاتحاد الأفريقي بعد تعليق العضوية منذ بدء الحرب الداخلية السودانية ولكن القاهرة كانت حريصة أيضا على ذلك من خلال دعوة الاتحاد الأفريقي لحضور مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر تمهيدا للحديث عن فتح المجال أمام مقعد السودان في الاتحاد الأفريقي عبد الله الأشعل لا يمكن مطلقا لطرف ينحاز إلى طرف في النزاع أن يكون وسيطا ناجحا عقبة الحيادية المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير عبد الله الأشعل أبدى وجهة نظر مختلفة في حديث لـالعربي الجديد إذ اعتبر أن مصر طرف في النزاع السوداني الداخلي وهي مشاركة في هذا النزاع على أرض الواقع وهذا ما ظهر باستهداف قوات حميدتي قوات الجيش المصري والطائرات في داخل المطارات وفي بعض الأماكن العسكرية داخل السودان ومن الواضح برأيه أن مصر تقف في النزاع مع قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان وبالتالي لا يمكن مطلقا لطرف ينحاز إلى طرف في النزاع أن يكون وسيطا ناجحا للحل بين الأطراف المتنازعة وأضاف الدبلوماسي المصري السابق أن الحل في القضية السودانية يكمن في استبعاد حميدتي والبرهان طرفي النزاع من المشهد وذلك من أجل مصلحة السودان لأن الطرفين ارتكبا من الجرائم بحق السودان والشعب السوداني ما يكفي لإزاحتهما عن المشهد من جهته اعتبر أستاذ العلوم السياسية والباحث في مركز الدراسات الأفريقية محمد خليفة صديق في حديث لـالعربي الجديد أن ما ساهم في زيادة تعقيدات المشهد السوداني هو كثرة التدخلات الخارجية التي تسعى إلى تطويع ترتيبات مستقبل السودان لخدمة أجندتها المتنافسة والمتناقضة مع المصالح الوطنية وسط تماهي العديد من أطراف المعادلة الراهنة من العسكريين والمدنيين مع بعض المحاور الأجنبية وهو ما يكشف غياب الإرادة الوطنية لديهم وتأثير ذلك في تحديد مستقبل السودان السياسي وأضاف خليفة أن فشل كل المبادرات السابقة هو الذي جعل القاهرة تعيد إنعاش رغبتها بأن تكون قريبة من الأزمة عبر الدعوة لعقد مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية في مصر الشهر الحالي وربما تفكر في التخلي عن حذرها في التعامل السياسي مع السودان ولذلك ظهرت المبادرة المصرية لحل أزمة الانتقال في السودان