بلدة عقابا سيدة اللوز تضع بصمتها في سجل المقاومة شمالي الضفة
٢٧ مشاهدة
باغتيال طائرات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس كرم حاتم أبو عرة ومحمد سميح غنام بقصف سيارتهما في الثالث من الشهر الجاري تكون بلدة عقابا مسقط رأسيهما قد قدمت ما لا يقل عن عشرة شهداء من أبنائها منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 وجلهم من المقاومين الذين نفذوا عمليات مقاومة نوعية استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه البلدة الواقعة على الطريق الرابط بين مدينتي طوباس وجنين شمالي الضفة ويناهز عدد سكانها نحو عشرة آلاف نسمة يتباهى أهلها بلقب سيدة اللوز نظرا إلى شهرتها في زراعة اللوزيات كما يتباهون تماما بتاريخ نضالي حافل قدمت فيه بلدتهم كوكبة من أبنائها شهداء وهم يواجهون آلة القتل الإسرائيلية موقع استراتيجي يقول الباحث الفلسطيني عمر عنبوسي لـالعربي الجديد إن الموقع الجغرافي لبلدة عقابا أدى دورا مهما في تبوؤها موقعا متقدما في العمل الثوري فقربها من الأغوار والحدود الشرقية للضفة الغربية جعلت منها محطة عبور لكثير من النازحين من الضفة إلى الأردن عام 1967 فعايش أبناؤها النكبة وتجرعوا مرارة اللجوء ومعاناة اللاجئين الفارين بحياتهم ويستذكر أبناء بلدة عقابا الشهيد تركي أبو عرة الذي التحق بصفوف الثورة الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي قبل أن يقتل في معركة الشعشاع على الحدود الأردنية عام 1972 ويؤكد عنبوسي نظرا إلى هذا الموقع الحساس أقام جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب ذلك معسكرا ضخما له فوق أراضيها ولكن تم تفكيكه بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 عقابا تاريخ من التضحيات وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى وما أعقبها استشهدت كوكبة من أبناء عقابا من أبرزهم موسى الشاويش تلميذ الشهيد يحيى عياش الذي استشهد جراء انفجار عبوة ناسفة كان يعمل على تجهيزها عام 1992 وهو شقيق الأسير الشهيد خالد الشاويش الذي استشهد أيضا في سجون الاحتلال قبل عدة أشهر كما تعرض علان أبو عرة لعملية اغتيال عام 1996 وهو شقيق الأسير الشهيد مصطفى أبو عرة الذي استشهد أيضا في سجون الاحتلال مؤخرا ويشير عنبوسي إلى أن المقاومة في الانتفاضة الثانية التي اندلعت نهاية عام 2000 شهدت في عقابا قفزة نوعية مستندة إلى النفس الثوري الذي كان حاضرا وبقوة في نفوس أبنائها الذين انخرطوا فيها سريعا الحدث الأبرز على الإطلاق خلال ربع القرن الأخير في عقابا كان تنفيذ أحد أبنائها وهو عز الدين المصري واحدة من أشهر العمليات الاستشهادية المعروفة باسم عملية مطعم سبارو في مدينة القدس عام 2001 وقتل وأصيب فيها العشرات من الإسرائيليين ومع شن الاحتلال الإسرائيلي عمليته المعروفة باسم السور الواقي وبموجبها أعاد السيطرة الكاملة على الضفة الغربية عام 2002 كان ابن البلدة الشهيد فادي كمال أبو عرة واحدا من أبطال معركة مخيم جنين وبعدها بأربع سنوات فقط لحق به شقيقه أيسر وهو أحد أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومن عناصر كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح في اشتباك مسلح خاضه في مدينة رام الله في السنوات الأخيرة خاصة خلال معركة سيف القدس عام 2021 استشهد الفتى رشيد أبو عرة خلال تصديه لاقتحام الاحتلال عقابا وفي 2023 استشهد الشاب عبد الرحيم فايز غنام خلال محاولة اغتيال المقاوم أحمد وليد أبو عرة الذي اغتيل بعدها بأشهر شعلة النضال كل هذه الأحداث كانت دافعا لأهالي البلدة لكن النقطة الفاصلة كانت العملية النوعية التي نفذها الشهيد أبو عرة في يوليو تموز 2023 بإطلاق الرصاص وقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال في الأغوار ردا على انتهاك الاحتلال حرمة المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطات إذ فاجأت هذه العملية كثيرين خاصة أهالي بلدته والمقربين منه فلم يكن أحد يعرف أو يتوقع ذلك كما يقول أحد المقاومين طالبا عدم ذكر اسمه في حديث لـالعربي الجديد ويضيف تلك العملية أوقدت في النفوس حب المقاومة نظرا إلى جرأتها فكانت البوابة لانضمام العشرات من الشبان من البلدة لكتيبة طوباس التي كان أبو عرة أحد أبرز قادتها وتابع لا شك أن شخصية الشهيد وتواضعه وتدينه جعلت منه نموذجا ملهما خاصة أنه تجاوز التنظيمات رغم كونه يتبع لكتائب القسام وحركة حماس ليكون الوطن في مقدمة أولوياته وتنسب أيضا للشهيد مسؤوليته المباشرة عن تفجير عربة النمر العسكرية خلال اقتحام جيش الاحتلال مدينة جنين يوم 27 يونيو حزيران الماضي ما أدى إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين كما نفذ برفقة مقاومين آخرين الكمين الثلاثي عبر تفجير ثلاث عبوات ناسفة قرب الجدار الحدودي مع الداخل المحتل عام 1948 في قرية المطلة شمال شرق مدينة جنين يوم 23 يوليو تموز 2024 وأصيب بها ضابط إسرائيلي وجنديان إضافة لعملية قتل الجندي الإسرائيلي يهوناتان دويتش قرب قرية عين البيضاء في الأغوار الشمالية الفلسطينية بالضفة الغربية يوم 11 أغسطس آب من العام الجاري ورغم عملية الاغتيال التي تعرض لها أبو عرة بعد العملية الأخيرة بنحو أسبوع برفقة قائد كتائب القسام في محافظة جنين رأفت محمود دواسي إلا أنه نجح قبل ذلك في تجنيد مجموعة من الشبان الذين اقتفوا أثره وسقطوا شهداء وهم عبد الرؤوف ناجح المصري الذي تعرض لعملية اغتيال والشقيقان عميد ونور ياسين غنام وأدهم زايد المصري يضاف هذا إلى اعتقال عشرات الشبان على خلفية المشاركة في المقاومة ودعم المقاومين وتأمينهم وتقديم الدعم لهم كونهم حاضنة شعبية ملتفة حول المقاومة وتؤكد أنه خيارها حتى زوال الاحتلال ويرى المقاوم خلال حديث مع العربي الجديد أن وقوع عقابا في نقطة وصل بين جنين وطوباس ونابلس سهل التواصل بين المقاومين والإمداد العسكري والسلاح لها خاصة من مخيم جنين الذي كان حاضنة لعدد من المقاومين من جهته يقول الصحافي زيد أبو عرة لـالعربي الجديد إن البلدة قدمت أيضا اثنين من قادتها بعد السابع من أكتوبر 2023 شهداء داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي هما الأسير خالد الشاويش 53 عاما في فبراير شباط 2024 وهو المعتقل منذ مايو أيار 2007 والمحكوم بالسجن المؤبد 11 مرة والثاني هو والدي الشيخ مصطفى أبو عرة الذي ارتقى تحت التعذيب والإهمال الطبي في يوليو تموز الماضي وما زال جثماناهما محتجزين حتى الآن ويلفت أبو عرة إلى أن الطابع القروي المتدين والمحافظ ولد جيلا لم يروض ولم يمسح دماغه وهو يعيش البعد العقائدي بكل معناه