منذ مدة وأنا أتابع برامج وثائقية وبرامج البودكاست على أكثر من قناة ومنصة مثل الجزيرة الوثائقية وأثير وغيرهما وهي برامج ثرية بالمعطيات وتطرح قضايا متعددة كما تفتح آفاقا واسعة للمعرفة في قضايا ثقافية واجتماعية وسياسية عديدة تاريخية ومعاصرة وإن متابعة مثل هذه البرامج لا يمكن أن تكون دون أن تحدث في المشاهد تفاعلات داخلية مختلفة بين الأسئلة واستعادة مشاهد وأفكار وربما رغبة في الكتابة والتعليق عما تطرحه هذه الوثائقيات آخر ما تابعت على الجزيرة الوثائقية شريط حول عصابة شتيرن الصهيونية من إنتاج عام 2023 بعنوان شتيرن الرجل العصابة الدولة وشتيرن هي نسبة الى زعيمها المؤسس أفراهام شتيرن وهو يهودي بولندي جاء إلى فلسطين عام 1925 وقد بدأ حياته شاعرا وإحدى قصائده المغناة أصبحت نشيدا للحراك الصهيوني السري في تلك المرحلة وهي نشيد إيديولوجي بعنوان جنود مجهولون كان شتيرن في عصابة الهاغانا التي كان يقودها ديفيد بن غوريون لكنه خرج عنها لأنه كان يرى أن الهاغانا لا تقاوم البريطانيين بينما يرى هو أن خطورتهم كخطورة الفلسطينيين لأنهم ما زالوا عقبة في وجه تأسيس الدولة الصهيونية وبالتالي لا بد من استهدافهم أينما كانوا الفيلم مشبع بالمعلومات والمواقف حول نشأة العصابة في الثلاثينيات وأفكارها وممارساتها ومحاولتها التعاون مع النازيين وعلاقتها بعصابة الهاغانا وعصابة الأرجوان ودورها في كل الأحداث خلال الثلاثينيات والأربعينيات في فلسطين ضد البريطانيين والفلسطينيين ودورها في مذبحة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الثلاث الهاغانا والأرجون وشتيرن وإن حاول بن غوريون التنصل منها عندما أرسل إلى ملك الأردن وقتها رسالة اعتذار عن هذا السلوك المشين لمجموعة من المتطرفين كما قال وهي المذبحة التي قال عنها أحد الجنود في شهادته إنهم كانوا يخوفون السجناء من مصيرهم المنتظر بترديد دير ياسين دير ياسين وهو ما يعبر عن بشاعة هذه المذبحة التي أصبحت في إسرائيل عنوانا للتخويف والترهيب يقدم الشريط الوثائقي نموذجا من تاريخ العنف الصهيوني على أرض فلسطين ويعبر عن تأصل هذه الثقافة في الفكر والممارسة منذ الأجيال الأولى للحركة الصهيونية يقدم الشريط نموذجا من تاريخ العنف الصهيوني على أرض فلسطين ويعبر عن تأصل هذه الثقافة في الفكر والممارسة منذ الأجيال الأولى للحركة وهو ما عبر عنه المؤرخ الإسرائيلي المعادي للصهيونية إيلان بابيه بقوله مع أن عصابة شتيرن انتهت منذ تأسيس دولة إسرائيل فإن منهج وعقلية شتيرن ما زالا حاضرين حتى في الحكومة الحالية مضيفا أن دولة بنيت على أفكار أفراهم شتيرن دولة لا تدوم وإن دامت فإن ذلك يعني أن الأخلاق لم يعد لها مكان في المجتمعات الإنسانية وهو نتيجة حزينة وهذا هو واقع الحال في غزة اليوم أمام عجز المجتمع الدولي عن فعل أي شيء كما يضيف المؤرخ نفسه أن هذه العصابات نشأت ضمن سياق صعود الفكر القومي الغربي الذي كان من نتائجه النازية والفاشية وهي الإيديولوجيات المبنية على فكرة العرق الأعلى وممارسة العنف الشديد ضد الآخر بغاية الإبادة وهو ما مارسته وتمارسه الصهيونية اليوم في مواصلة لما قام به النازيون والفاشيون والاستعمار الغربي بصفة عامة ضد من يرونه أقل شأنا وقيمة واللافت في ما عرضه الفيلم أنه مع كل ما فعلته هذه العصابة من اغتيالات في صفوف البريطانيين شرطة وجنودا وجرائم في حق الفلسطينيين واغتيال مبعوث الأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت رغم إنجازاته لصالح اليهود ومنها إنقاذ أكثر من ثلاثين ألف يهودي من المحرقة النازية ورغم تصنيف العصابة سنة 1948 بأنها منظمة إرهابية ومع كل ذلك يعتبر اليوم أفراهام شتيرن في إسرائيل بطلا قوميا له يوم للاحتفاء به ومتحف لذكراه وقد وقع تبييض زعماء هذه الحركة إلى أن أصبح أحدهم وهو إسحاق شامير رئيسا للوزراء رغم أنه هو من أعطى الأمر باغتيال مبعوث الأمم المتحدة إنه زمن المجتمعات الإنسانية دون أخلاق كما قال إيلان بابيه