قفز معدل غلاء المعيشة بشكل حاد في قطاع غزة خلال الأشهر القليلة الماضية وسط استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية للشهر الخامس عشر على التوالي والقيود الإسرائيلية المفروضة على دخول البضائع من السلع الأساسية والمواد الغذائية بشكل كبير ويتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حركة البضائع والشاحنات عبر المعابر الحدودية للقطاع لا سيما بعد سيطرته على معبر رفح الحدودي في شهر مايو أيار الماضي علاوة على إدخال كميات محدودة من الشاحنات لا تتجاوز في المعدل المتوسط 50 شاحنة يوميا وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير صدر مؤخرا من أن المخابز التي تعد شريان حياة لمئات آلاف الفلسطينيين الجوعى أو المتضورين جوعا في غزة على وشك الإغلاق إن لم تكن قد أغلقت بالفعل بسبب نقص الدقيق والوقود وانعكس الحصار ومنع دخول الغذاء إلى القطاع بالسلب على معدل غلاء المعيشة نظرا إلى زيادة الطلب وقلة العرض في الأسواق المحلية ولجوء الفلسطينيين في القطاع لشراء المواد بأضعاف أسعارها التقليدية وغياب الجهات الحكومية بشكل فعال عن ضبط الأسعار فشل المحاولات الحكومية في المقابل ورغم المحاولات التي تقوم بها الجهات الحكومية لضبط الأسعار والأسواق إلا أنها لم تفلح في كسر حدة الغلاء ما انعكس بالسلب على صعيد انعدام الأمن الغذاء لنحو مليوني نازح يعيشون على مساحة 35 كيلومترا مربعا من إجمالي مساحة القطاع البالغة 365 كيلومترا مربعا وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإنه بعد مضي 13 شهرا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ارتفع مؤشر غلاء المعيشة هناك بشكل حاد بلغت نسبته 490 وتعكس هذه الارتفاعات الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع إلى جانب تداعيات الحرب الإسرائيلية المتواصلة للعام الثاني على التوالي والمشهد الاقتصادي والاجتماعي المتردي في ضوء التدمير وتكرار حالة النزوح وبلغت معدلات الفقر 90 فيما ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي لذات النسبة في وقت تعطل فيه معظم سكان القطاع عن العمل نظرا إلى حالة الشلل التي أصابت مختلف المنشآت لا سيما القطاع الخاص بالإضافة إلى العاملين بنظام المياومة وبحسب تقرير للبنك الدولي فإن جميع السكان يعانون من الفقر بنسب متفاوتة في الوقت الذي انخفض فيه الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأراضي الفلسطينية 35 في الربع الأول 2024 وهو الأكبر على الإطلاق وفق التقرير وذكر تقرير البنك الدولي أن اقتصاد غزة انكمش خلال الفترة من السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 وحتى سبتمبر أيلول الماضي بنسبة 86 وهو معدل قياسي مقارنة مع نسبة الانكماش التي شهدتها الضفة الغربية بنسبة 25 فقط مجاعة في الأثناء يقول رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا إن حالة الارتفاع في معدلات الغلاء تعكس حالة المجاعة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والتي انتشرت في غالبية المناطق لا سيما في منطقة شمالي القطاع ويضيف الشوا لـالعربي الجديد أن مناطق الوسط والجنوب تشهد حالة إغلاق في المخابز والتكيات التي تقدم الطعام بسبب حالة النقص الشديد في المواد الأساسية والارتفاع الكبير في الأسعار وعدم دخول كميات كافية من السلع ووفقا لرئيس شبكة المنظمات الأهلية فإن ما يدخل إلى القطاع لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية في ظل عدم توفر مواد تغطي الاحتياجات حيث بلغ معدل الفرد من الخبز رغيفا واحدا فقط في اليوم وهو مؤشر خطير على الواقع الغذائي ويشير إلى أن الاحتلال الاسرائيلي منذ بدء هذا العدوان منع دخول إمدادات الغذاء والدواء والمياه والطاقة فيما قام بتدمير ممنهج للبنى الاقتصادية والاجتماعية في غزة بهدف زيادة اعتمادية السكان على المساعدات وفي الوقت نفسه قام بفرض قيود على دخول المساعدات ويعاني أكثر من 1 8 مليون فلسطيني في غزة من مستويات حرجة للغاية من الجوع حيث جرى تدمير 70 من الأراضي الزراعية وتدمير سبل العيش خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي وفقا لتقييم أمني غذائي مدعوم من الأمم المتحدة صدر في شهر أكتوبر الماضي ويلفت الشوا إلى أن ما يدخل من بضائع هو في إطار الاستثناءات وضمن شروط وقيود كبيرة جدا ما يجعل الأسعار مرتفعة بشكل غير مبرر مع دخولها بكميات قليلة فضلا عن بعض الاحتكارات في ظل هذه الكارثة الإنسانية قفزة معدلات التضخم في غزة من جانبه يرى الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر أن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين التضخم طبيعي في ظل الارتفاع الحاد للأسعار لا سيما مع وصول النسبة إلى 490 في الفترة الأخيرة ويوضح أبو قمر أن هذا المؤشر يأخذ عينة من بعض السلع التي تعتبر سلعا أساسية ويقوم بالقياس عليها في حين أن بقية السلع غير محسوبة في المؤشر وفي حال إضافتها فإن النسبة سترتفع بشكل أكبر وحسب الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي فإن الندرة وقلة المعروض في الأسواق مع حاجة المواطنين ومنع الاحتلال إدخال الشاحنات المطلوبة لإغاثة الناس هما السبب الرئيسي في حالة الارتفاع الحالية ويلفت إلى أن إجمالي الشاحنات التي تدخل إلى القطاع خلال الفترة الحالية تتراوح ما بين 10 و13 من إجمالي الشاحنات التي كانت تدخل قبل الحرب الإسرائيلية على غزة ما أسهم في شح كبير في الأسواق ويبين أبو قمر أن من بين أسباب ارتفاع مؤشر الغلاء هو زيادة تكلفة هذه البضائع لسببين هما التنسيقات التي تدفع من أجل إدخال البضائع بالإضافة للسبب الآخر المتمثل في توفير طواقم تأمين للشحنات لمنع سرقتها ويلفت إلى أن الحلول التأسيسية لمعالجة مشكلة التضخم تتمثل في إدخال السلع بشكل كبير ومنع الاحتكار من قبل التجار بالإضافة للعمل على تأمين الشاحنات الواردة إلى القطاع ووقف عمليات الاستهداف التي تتعرض لها ويبين أن القطاع يحتاج خلال الفترة الحالية نحو 400 شاحنة بالمعدل اليومي لوقف ارتفع معدلات التضخم وإغراق السوق بالبضائع لا سيما الأساسية منها التي يحتاجها المواطنون للوصول إلى وقف حالة التجويع