1925 مئة عام على صدمة الحداثة
إشادات النقاد بصدور المجموعة القصصية في زماننا لإرنست همنغواي عام 1925، لم تقتصر على تناوله لصدمة الحرب العالمية الأولى، إنما ركّزت على اقتصاده في الكتابة، وتجديده في أساليب السرد ضمن موجة أعمالٍ نُشرت في الولايات المتحدة في تلك السنة لفرجينيا وولف، وجيرترود شتاين، وجون دوس باسوس وإف. سكوت فيتزجيرالد وغيرهم، لتعتبر 1925 نقطة مفصلية في تاريخ الحداثة ليس على مستوى الأدب إنما امتدّ حضورها إلى الفن والإعلام والفكر.
هجا همنغواي الحرب على طريقته في قصة وطن جندي، حيث يعود عسكري أميركي متأخراً إلى بلدته، بعد انتهاء الاحتفالات بعودة المحاربين فلم يكترث بعودته أحد، ما اضطره لاختلاق أكاذيب حول حوادث عاشها في القتال، لم تلق قبولاً من الناس لنفورهم من فكرة الحرب، ثم حاول جذب النساء من حوله لكن عبثاً، إلى أن توقف احتفاء أهله، وبدأوا يطالبون ابنهم العاطل بالبحث عن عمل، أو عن طموح بالمعنى الأدق.
أسسّت هذه المجموعة القصصية لما أطلق عليه نظرية جبل الجليد التي ستتأثر بها أجيال من الساردين حول العالم، بابتعادهم عن الوصف وانتقاء جمل قصير ومباشرة وبسيطة تحجب المأسأة التي سيتأملها القارئ بعد اكتمال النص، ويتمثّلها من دون أن تُروى تفاصيلها. بينما نُظر إلى انسياب الأفكار والانطباعات الشخصية التي تعبّر عن العوالم الداخلية لبطلة رواية السيدة دالاوي لوولف ثورة في تطوير تقنيات السرد، عبر استعادة ذكرياتها أو تسجيل يومياتها التي نظرت إليها الروائية الأميركية بأنها مادة الحياة، من خلال اتساع أفق السرد بدلاً من دفعه إلى طريق مسدود، وهو ما ينطبق على روايات مثل غاتسبي العظيم وتحويلة مانهاتن وصناعة الأميركيين التي صدرت في العام ذاته.
عصر الجاز
المفارقة أن معظم هذه الروايات باعت نسخاً قليلة عند صدورها، لكنها مثّلت ابتكارات أسلوبية نوعية وانزياحاً في الشكل والمضمون، في لحظة تاريخية شهدت اضطراباً كبيراً في الأفكار والمجتمع، وربما شكّلت تسميته عصر الجاز علامة فارقة تدلّ على تغيّرات مسّت حركة الناس اليومية، مع انتقال المزارعين بمن فيهم الأميركيين الأفارقة من الجنوب للإقامة في صخب مدن مثل نيويورك وشيكاغو،
ارسال الخبر الى: