عبد الفتاح كيليطو قراءة الناقد وفق ما جاء به

٩٣ مشاهدة
لأي نوع تنتمي كتاباتي هكذا عنون الناقد والباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو 1945 إحدى مقالاته التي نشرتها العربي الجديد منذ سنوات وها نحن اليوم نستعيد معه هذا التساؤل لنقف على بعض منجزه الأدبي بمناسبة فوزه قبل أيام بـالجائزة الكبرى للفرنكوفونية التي تمنحها الأكاديمة الفرنسية سنويا وبطبيعة الحال لا تضعنا استعادة هذا السؤال أمام إجابة واحدة بل تقودنا إلى طبقات وتقاطعات معينة من دون أن نعني بذلك أن كتابات كيليطو عصية على التصنيف بشكل مطلق رغم أن بعض المختصين والمتعمقين بعوالم صاحب رواية والله إن هذه الحكاية لحكايتي 2021 يميلون إلى القول بهذا الرأي في الحدود الأولى على الأقل فإن في استدعاء كيليطو الدائم أعمال الجاحظ والجرجاني والمعري وتطبيقه لنقوداتهم على نصوص من آداب أوروبا مقدار وافر من نظرة الأكاديمي المقارنة بين النصوص والأشياء والكلمات وهذا ما يتجلى عنده بطريقة علمية تؤطر مقولته وإن باتت أعماله الأخيرة تنحو صوب الإيجاز والسهولة أو ربما صارت اللغة فيها مألوفة أكثر من ذي قبل لدى القراء مع تكرار الأمثلة وتشقيقها وفق تعبير صاحبها الأثير من دون أن تفقد غرابتها طبعا يتساءل في مقدمة كتابه التخلي عن الأدب 2023 هل يمكن أن نبحث عن قدم ابن طفيل 1110 1185م في رواية روبنسون كروزو للإنكليزي دانييل ديفو 1660 1731 نقد ينتظر قراءة توسعه وتضيف إليه من روح صاحبه لكن ألم تتعدد طبقات التلقي العربي لأعمال كيليطو إذ لا يمكن القول إن الطريقة التي تم بها تلقي الأدب والغرابة 1982 أو الكتابة والتناسخ 1985 هي ذاتها الطريقة التي تلقينا بها مسار 2014 أو في جو من الندم الفكري 2020 وهذا لا يعود فقط إلى المسافة الزمنية التي تحدث عنها بول ريكور الفاصلة بين تاريخ إنشاء النصوص وبين لحظة قراءتها على يد أجيال جديدة تتأولها وتعيد النظر فيها بل تعود أيضا إلى طبيعة كتابات كيليطو نفسها التي شقت طريقها بفرادة منذ ثمانينيات القرن الماضي لتكون في المتن تماما مما ينتج ويقرأ ويلقى تفاعلا بين القراء هنا نتساءل متى يحين موعد النقد قد سمعنا الصوت فأين الصدى وهذا قد ينطبق إلى حد ما على دراسة مواطنه ومترجم بعض أعماله عبد السلام بنعبد العالي عبد الفتاح كيليطو أو عشق اللسانين 2022 كونها جاءت أقرب إلى مفهوم الإضافة تاليا في تناول كيليطو لثنائية القراءة والكتابة نجده ينفذ غالبا من الحد الأول إلى الثاني فمن فعل القراءة يقترح الإجابات وربما مقاله الذي استعرناه مدخلا لكتابة هذه السطور خير مثال ففيه تشكيلة من الكلاسيكيات العربية والفرنسية والإنكليزية التي يستذكرها الناقد المغربي ممتنا حيث يتحدث عن رحلة الطفولة في تعلم الحروف الأولى هذا مكسب مهم ننسى مع المدة ذلك ومن ثم اليفاعة قبل التمرس الأكاديمي وهو لا يبرح حد القراءة إلى الكتابة إلا حين يبلغ عتبة الامتنان لكتاب يقرأه فيبهره فيكتب عنه وفق ما يقول في كتابه في جو من الندم الفكري وربما هذا ما يشعر به ملايين قرائه بالعربية اليوم هذا هو امتنان كيليطو القارئ أو كما تفضل الأكاديمية والمترجمة المصرية داليا سعودي أن ترسمه بالفرنسية Qui lit tout الذي يقرأ كل شيء فماذا عن الامتنان الأكبر الذي حمله كيليطو الناقد لأمثال الحريري والهمذاني والمعري أو حتى لكتاب ألف ليلة وليلة إذ قلما يخلو كتاب له من إحالة أو تضمين إلى عوالم هؤلاء الأدبية لكن الطريف في الأمر أنه لا يفهم منجزهم أو يحلله بعيدا عن الوعي المقارن حيث المعري لا ينفصل فيه عن دانتي ولهذين الاسمين يخصص فصلا في كتابه أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية يكتب إننا نقرأ المعري وأعيننا على دانتي نبحث عن دانتي في كتاب المعري وهكذا فقد استفاد هذا الأخير من التقريب مع الشاعر الإيطالي بهذا المعنى فإن دانتي قد خدم الرسالة فهو على هذا النحو مؤلفها أو المشارك في التأليف على الأقل ويتابع لا يتعلق الأمر البتة باستنكار لهذا الواقع الفعلي فباسم أي صفاء وأية نقاوة وأي مفهوم عن الملكية نفعل ذلك إن الدين الذي ينظر إليه عادة أنه أمر سلبي يغدو إيجابيا في المجال الثقافي كلما كثرت ديوني ازددت غنى والأدب الذي لا يستدين أو الذي لم يعد يفعل ذلك محكوم عليه بالموت بالطبع لم يأت كيليطو بهذه المقارنة في ذاتها فهي معروفة وتوارد ذكرها شرقا وغربا مرارا بل هو نفسه يشير إلى تنبيه مستشرقين كثر إليها لكنه يتأولها بطريقته الخاصة مستعينا بمفارقة الدين الغنى وعلاقتهما بالأدب الامتنان وهذه الثنائية الجامعة بين صاحب رسالة الغفران وصاحب الكوميديا الإلهية هي واحدة من أشهر مقارناته لا ننسى طبعا اللسان الملفوق ذا اللغتين حيث تندرج تحتها عشرات الأمثلة والتأويلات التي تنتظر في المقابل حركة نقدية عربية إما توسعها وإما تضيف وتمحو بالمفهوم الكيليطوي منها

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح