عاشوراء في عدن كتب مجيب الرحمن

..ناحَ الحَمامْ يا ناسْ على الذي بلا راسْ
يَهتِفونَ في حلقةٍ شبه دائريّة ومتحركةٌ؛ لا يدخلُ فيها إلا أشدَّاءُ الرجالِ والشباب المتحمّس، الباقون خارجَ الدائرة يلطمون مثلهم الصدور في أماكنهم، تتسعُ الدائرةُ المتحركةُ شيئاً فشيئا... هل أدخل معهم؟! ...
- أبَاه ... أباه ... (يا حُسين)؛ ... من ذولا؟ وأيش يسووا؟
يردُّ والدي باقتضابٍ ... (الشيعة والتهاويل...) ؛... يحتفلون بمقتل الحسين...
- من هو الحسين؟
الحسين بن علي و فاطمة الزهراء.
_ومَنْ قتله ؟ ... ليش تحتفل الناس بالقتل؟ ... لابسين أسود !؟
ما قتله أحد ... والنبي ما ترك أبناء ...!
قُلكلك تهاويل الشيعة ... الخُوجة.
.... كَانَ هذا الحوار في عدنَ التي سمّاها الانجليز (كريتر) ولم أتجاوز العشرة أعوام... تصالحَ الناسُ على تسميتها (عدن) من الأزل؛ لكنّها لم تعد كذلك مذ أن تحوّلت من المركز إلى الهامش، وعربد فيها بنو حمَّالةِ الحطبِ.
واااعدناااه... واااحرعدناه!
(الخُوْجَة) لفظةٌ تعني السيد أو المالك يُعتقدُ أنّها مشتقةٌ مِنَ الفارسيَة، وهم في الأصل طائفةٌ من الشيعةِ الإسماعيلية ازدهرت في الهند، وبات من الطبيعي أن ينتقل بعضهم إلى عدن بتجارتهم إبَّان ازدهار عدن؛ ليتمّ تعميم مسمّى (الخوجة) بعدها على كلّ الطوائف الشيعية في عدن من باب (التغليب) في أوّل الأمر، كما سمَّوا كلّ قادمٍ من غرب افريقيا بـــ(الجبرتي) بعدها تمايزت الطائفة الإسماعيلية باسم (البُهرة) وبملابسهم، وكانوا بالفعل مميزين؛ ليبقى اسم (الخوجة) وهم الأغلبية وصفاً لمعتنِقي المذهب الجعفري الاثني عشري في عدن، وكلّهم (عدانية) من أصول هندية، ويسمّى مسجدهم شعبيًا باسم مسجد (الخُوجة) وموقعه حي القطيع، ومسمّاه الرسمي مسجد (الحسين)...! ...
يا أبا الفضلِ العبـــــــــــاس!
الدائرةُ تتّسِعُ ..هم يدركون أنني مختلفٌ ... الشعورُ بالاختلاف إدراك متبادل .. ملابسك السوداء لا تخفي اختلافك... أو تصنّع الشعور بالأسى .. مقام الدهشة والانبهار والاختلاف يكفي عندي ... يا الله كم هم مختلفون .. لماذا هم مختلفون؟! أم أنّي الوحيد المختلف... أناشيد الأوردو الهنديّة تُشعرني أكثر بالغربة والغرابة!
الهتافُ يشتدّ: ( مظلوم حُسيناه.. محروم حسيناه ... شهيد كربلاء الغالي
ارسال الخبر الى: