طقوس الاستسقاء وحكايات المطر المؤجل

21 مشاهدة

يا مَن لبرقٍ أبيتُ الليلَ أرقبُه/ من عارضٍ كبياضِ الصُّبحِ لمّاح. ربّما يلخّص هذا البيت الشعري الجاهلي حالة الاستنفار والترقّب في انتظار شتاءٍ قد تأخّر كثيراً هذا العام. الجميع، على الأقلّ هنا شرقي المتوسط، في سيرة هذا الغياب الثقيل للمطر. وبين الحكايات الميثولوجية التي سبق أن لبّت متطلبات التاريخ الشفوي في التعامل مع ظاهرة الجفاف، وبين الهموم البيئية الراهنة (بالتوازي مع انعقاد مؤتمر المناخ العالمي كوب 30)، تبرز مساهمة الفنون في التعبير عن هذا القلق الجمعي.

يلفتنا في هذا السياق، كتابٌ فني بعنوان نشيد الطيور، كان قد صدر خلال تريينالي ميلانو عام 2019، ويشكّل نموذجاً لدرس ظاهرة نُشدان الناس (الفلّاحين) لماء السماء وتمثيلها؛ الاستمطار أو الاستسقاء بعد جفاف طويل. أربعة فنانين لبنانيين: جنى طرابلسي وألفريد طرزي وسليم القاضي وخالد ملص (مجموعة سِجلّ)، اشتركوا مع كُتّاب وفنانين من الجولان السوري المحتل، وآخرين، متّخذين من أُمّ الغيث ثيمةً مركزيةً لهذا النشيد الذي تتقاطع فيه مفاهيم السَّلب الاستعماري الاحتلالي، مع تأويلات الجفاف وانقطاع الغيث. يحمل الأطفال أمّ الغيث (الفزّاعة)، في زيّاح شتوي هو مراس قديم في الجولان، كما في بقاع سورية الأُخرى، يجول الأطفال من بيت إلى آخر، يجمعون الحبوب ويرتّلون الأغاني، تتبع الزيّاح مأدبة، ومن ثم تُغرس أمّ الغيث في الحقل.

تقف النساء في صميم هذه الطقوس بوصفهنّ حارسات للخصب والرعاية

يلتقط الكتاب إشارات هذا الخصب الأنثوي في مسرحية أُمّ الغيث، إن جاز التعبير، ومن هنا استلهم الباحثون المشاركون في المشروع أغنية أسمهان يا طيور، وقسّموها إلى أربعين مقطعاً موزّعاً على أربعين صفحة، وفي كلّ صفحة نصٌّ حول الماء من تاريخ الحضارات القديمة، أو التراث الإسلامي، أو التقاليد الشعبية والشفوية، مُرفقٌ بعمل فنّي فيه صورة أو نقش أو تمثيل عن الطيور. هذه العناصر الفنية والبحثية كلّها تبدو ظاهرة، لكن الخيط الحقيقي الذي يشدّها إلى بعضها هو الحُبّ. فـيا طيور هي قبل أي شيء أغنية رومانسية حديثة تُغنّيها امرأة انتهت حياتُها نهايةً مأساوية، وقد لعب الحُبّ دوراً في التكهّن بحدود تلك النهاية وخلفياتها.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح