ضياء العزاوي جداريات تتأمل مدن المشرق
في دراستها ضياء العزاوي: من بغداد إلى بيروت، مسار فنان عربي شابّ في ستينيات القرن الماضي (جامعة بريستول، 2023)، تصف مؤرّخة الفن زينة مصري الفنان العراقي باعتباره أحد الفنانين الذين نشؤوا فنياً وسياسياً في فترة شهدت تحولات كبيرة في فن ما بعد الاستعمار، وحركات التحرر والثورات، وخيبات الأمل. هذه الخلفية التاريخية والسياسية لا تؤثر على مضامين أعمال العزاوي فقط، بل تمتد إلى الطريقة التي نتأمل فيها أعماله؛ فلكي يلتقط المشاهد جدارياته بشكل كامل، يحتاج إلى الابتعاد قليلاً عن اللوحة ليتملّى تفاصيلها جميعها، ففي النظر هنا شيءٌ من علاقة الالتزام تربط الفرد بتاريخ الجماعة، كما عبّر عنها جيل الستينيات.
شهود الزُّور هو عنوان معرض العزاوي (1939) الجديد، والذي يتواصل في غاليري صالح بركات ببيروت حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المُقبل، كانت قد سبقته محاضرة تمهيدية للفنان في الجامعة الأميركية، وتُوازيه مساهمة مركزية منه في معرض جماعي بعنوان شواهد النار، يُقام في ملتقى دلول للفنّانين، من خلال جدارية منسوجة تمثّل مجزرة صبرا وشاتيلا، اشتغلها الفنان عام 2018، بالاستناد إلى عمله الأصلي المُنجَز بين عامَي 1982 و1983. جولةٌ بيروتية تمثّل خلاصة تجربة، وعودة إلى المدينة التي نظّم فيها معرضه الأول خارج العراق أواسط الستينيات.
في الطابق العُلوي من الغاليري، تُطالعنا منحوتة من سلسلة وردة أكتوبر (ستانلس ستيل، 2023)، وتمثال حنظلة في لبنان تحيةً للرسام الفلسطيني ناجي العلي، بالإضافة إلى رسومات فحمية من سلسلة ليلة الإبادة (2023)، ودفتر فنّي بعنوان غزة: الألم الذي فتح عينَي ابنتي (2025). لمحةٌ سريعة تُقدَّم بامتداداتٍ أوسع حين ندلف إلى الطابق السفلي الذي يكشف أولاً عن جدارية مزدوجة بعنوان خريطة لبغداد بعد 2003 (أكريليك على قماش، 2023)، وعلى الجانبين تعود وردة أكتوبر لتُصادفَنا بنسختين أُخريين، بالإضافة إلى تماثيل طوطمية بلا عنوان، مشغولة من البرونز.
تجريد يقتبس أسلوب بيكاسو ويعيد تركيب الحدث والذاكرة
بالوصول إلى قلب المعرض نجد أنفسنا أمام أربع جداريات ضخمة، يتوسّطها تجهيز عنوانه أطلال بين مدينتين: الموصل وحلب
ارسال الخبر الى: