صياح النخب لفقدان المصالح لا يقف أمام حق طال انتظاره كتب محمد الجبلي
في مشهد يعيد إنتاج أدوار تاريخية بملابس جديدة،انفجرت منصات التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بلغة حادة تندد وتشجب، ليس ضد استمرار انتهاكات الحوثي الذي يطال المدنيين، بل ضد تحركات يُنظر إليها على أنها تهديد لنفوذ متوهم، أو لمصالح متآكلة. وكان محور العاصفة الافتراضية.
التحركات التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظات حضرموت والمهرة، بهدف قطع طرق إمداد تعتبرها هذه القوى شرياناً حيوياً للمليشيات الحوثية، كان يمر عبر مناطق تحت سيطرة قوات مايسمى بقوات المنطقة العسكرية الاولى المرتبطة بـ علي محسن الأحمر، لذالك تحولت شاشات الهواتف إلى منابر للخطابات الحارقة من نخب سياسية وإعلامية، انزوى طويلاً أو خفت صوته أمام زحف الحوثي وسيطرته على مناطق الشمال، ووجدت في تحركات الانتقالي فرصة لإعادة إطلاق صوتها العفن الذي اتا من بوابة اتهام الآخرين بـ الخيانة وتقويض الوحدة. وكأن المعركة الحقيقية ليست ضد مشروع مسلح مدعوم إيرانياً، بل ضد أي تحرك قد يعيد رسم موازين قوى في الأرض، يعارض مصالحهم.
لا يمكن فصل رد الفعل الهستيري هذا عن سياقه التاريخي، فكثير من هذه الأصوات التي ترفع اليوم شعارات الوحدة المقدسة والسيادة، ترتبط مصالحها وبقاؤها السياسي بمرحلة سابقة، ابتدأت، في ما بعد حربصيف 1994، حيث أسس الانتصار العسكري حينها لمركزية سياسية واقتصادية صارمة، تحولت فيها المحافظات الجنوبية والشرقية – بما فيها حضرموت والمهرة – إلى ساحة لنهب الموارد وتهميش السكان.
اليوم وعندما تتحرك قوى محلية لسد ثغرة عسكرية (قطع إمدادات الحوثي) ولتأكيد وجودها وسلطتها الفعلية على الأرض، ينتاب تلك النخب ذعر حقيقي من فقدان آخر أدوار الوصاية التي تمتعت بها خلال السنين السابقة، واصبحت شكلية في ظل سيطرة الحوثي على القرار في الشمال.
التناقض الصارخ، صمت مريب ونياح مفاجئ، هذا ما يثير السخرية والامتعاض.فطوال سنوات سيطرة الحوثي على صنعاء وتوسعه العسكري، لم نسمع هذا القدر من النياح والنباح بحسب التعبير الشعبي المتداول، من بعض هذه النخب. بل إن بعضها تعايش أو صمت أو انشغل بمعارك هامشية. الآن، وعندما يُمسك مصدر من مصادر القوة المعادية
ارسال الخبر الى: