صورتان من عالمين مختلفين من لندن وتركيا كتب سناء مبارك

صورتان من عالمين مختلفين، الأولى في هايد بارك -لندن، أبريل الماضي، والثانية اسطنبول- تركيا، مطلع الشهر..
امرأتان؛ الأولى كانت تُطعم وتحاور الحمام الذي التف حولها لوقت طويل، ظهرت هي منهمكة جدًا فيما بدا لي وكأنها تدير جلسة علاجية. والثانية تجلّت وكأنها أسعد كائن على وجه الأرض وهي تطعم قطط الشارع، في مدينة لا تكاد تخلو أي زاوية منها من قططٍ بدينة، غاية في الدلال...
ارسلتُ الصورتين لأختي وتحتهما عبارة : ما أجمل النساء.. فعلقتْ بطريقتها المعروفة: ما أجمل المهووسات بالإطعام..
الحقيقة فعلًا، نحن النساء مجبولات على فكرة إظهار المحبة عن طريق تقديم الطعام، لذا فإن مهمة إعداد الوجبات للعائلة والأطفال تقتصر في الغالب على الأمهات أو الشابات في المنزل، حتى وإن كانت المرأة تعمل خارجه، فيما يهتم الرجال محبو الطهي بتحويل هذا الحب إلى بزنس في معظم الأحوال، أو ممارسته كهواية للهروب من الروتين.
يبدو لي أحيانًا وكأن النساء تقدمن الطعام لتحصلن على الحب، بينما يظهر الرجل المحبة ليحصل على الطعام.. وقد يقدم الطعام أيضًا، ولكنه يقايضه غالبًا بالشعور بالإنجاز.
قرأتُ ذات مرة مشكلة في إحدى المجموعات لأم عبرت فيها عن احباطها من ابنتها التي لا تأكل كما تتمنى، قالتْ أن كل مشاكلها في الحياة ستحل إن تعافت شهية طفلتها.. لمن لم يختبر هذا الإحساس ستبدو الجملة أعلاه محض مبالغة، ولكن الواقع إن غالبية الأمهات منذ لحظة مابعد الولادة، تتكون لديهن حساسية مفرطة في كل ما يتعلق بتغذية أطفالهن، ابتداء من الرضاعة الطبيعية، مرورًا بالصورة النمطية لأمهات تلاحقن أفواه أطفالهن باللقم، حتى تزور جدتك في بيتها العامر بكل مالذ وترى الاحباط في وجهها وانت تقول لها أن بطنك قد امتلأت..
هذا الأمر؛ككل شيء في الحياة، تتفاوت حدته وقوته بتفاوت الشخصيات، المجتمعات، العادات والاعتقادات.. والعلم يرصد فعلًا هذه التفاوتات ويضع لها النظريات.
نحن العرب نعبر عن كرم الضيافة بتقديم الطعام، ونتشارك الحزن بالطهي لبيت العزاء، ونستخدم الطعام كهدايا للنفساء، وكمواساة في المرض.. وهذا شيء لا يحدث كثيرًا في مجتمعات أخرى..
وكطبيبة
ارسال الخبر الى: