صورة أم مظفر

29 مشاهدة
أثار ظهور صورة لسيدة من البصرة تدعى أم مظفر في مراسم الزيارة الأربعينية السنوية لغطا كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها كانت منقبة وعباءتها كانت ملوثة بالطين في إشارة الى التواضع أو علامة على الحزن والشعور بالنكبة وهو من التفاصيل الأنثروبولوجية لطقوس الحزن في المجتمع الجنوبي العراقي حيث نرى الرجال والنساء من عائلة الميت يتركون الزينة أو الاغتسال وربما يرمون أنفسهم على تراب الأرض تفجعا وحزنا وتكاد تميز أفراد عائلة الميت في مجلس العزاء من بين الآخرين من هيئتهم المشعثة المتربة خرج الموضوع من تريند الأحداث الأكثر متابعة ولكن أم مظفر كونت لها رصيدا خلال ذلك تسعى على ما يبدو إلى استثماره في تعزيز حضورها الاجتماعي من خلال الهيئة التي ظهرت بها في الصورة الشهيرة فعاودت الظهور عشرات المرات خلال زيارة الناس لها في بيتها المتواضع في البصرة أو للاشتراك في فعاليات دينية بالعباءة المطينة والنقاب نفسه وكأنهما زي المهنة أو زي الدور الذي لبسته أو ألبسها له اهتمام الآخرين المبالغ به لأول وهلة كنت أتساءل عن النقاب الذي كانت ترتديه أم مظفر وتداعى إلى ذهني أنه غير منتشر في المجتمع الشيعي الجنوبي العراقي وهو كان موجودا على نحو ضيق بين العوائل السلفية السنية ثم انتشر مع نشاط تنظيم القاعدة في مناطق غرب العراق وما تلاه من تنظيمات متطرفة انتهت بـداعش فرضت على نسوة المجتمع العراقي السني في هذه المناطق لبس النقاب ثم بقي هذا النقاب بعد زوال هذه التنظيمات عند نسبة من النساء بحكم التعود أو لأن رجال العائلة يؤمنون بفرضه على النساء في المجتمع الجنوبي العراقي كان الزي التقليدي خصوصا في الريف فيه نسبة من الحشمة مع غطاء الرأس الدائم الذي يسمى الشيلة ولكن النساء يتعاملن مع الزي الشعبي بكثير من الحرية ولا يبدو لباسا دينيا في كل الأحوال أما النقاب فقد وجد عند زوجات رجال الدين أو بناتهم حصرا ولا يمكن الجزم بأن كل نساء رجال الدين من المنقبات بالطبع ما يعزز عندي فرضية زي الدور انتشار المصورات الإيرانية من أزمان بعيدة التي ترسم حالات أو مشاهد من واقعة الطف ومقتل الحسين مع أفراد عائلته والدور الذي يظهر في هذه المصورات لأخت الحسين زينب بنت علي التي تولت قيادة العائلة بعد مقتل رجالها وكانت تظهر في هذه الرسوم منقبة ومغطاة الوجه ولكن بعض هذه المصورات تظهر هالة من الضياء على وجوه أهل البيت النبوي لإخفاء الملامح تقديسا لهم وفي المجمل قد تجد الرجال والنساء محجوبي الوجوه بهالة الضوء وكأنهم يرتدون نقابا أبيض سرعان ما ربط بعض المتحمسين بين هيئة أم مظفر والسيدة زينب بنت علي ولا مرجعية لهذا الربط غير المصورات والرسوم الإيرانية الشعبية الهيئة التي ظهرت بها أم مظفر ملتقطة من خيال رسام لا من مرجعية دينية محددة وداعبت هذه الهيئة المخزون في أذهان الناس لهذه المصورات والرسوم ذات الطابع المقدس والمحترم ويمكن الجزم بكل سهولة أن أم مظفر في بداية الأمر لم تكن تقصد التحول إلى تريند على مواقع التواصل العراقية ولكنها ركبت الموجة واحتفظت بـالزي لاعادة تأدية الدور في أي مناسبة تسنح ولو كانت حافظت على عفويتها فسنراها تغسل عباءتها وتكشف عن وجهها وتعود إلى ممارسة حياتها الطبيعية خارج الصورة التي ثبتتها لها مواقع التواصل المؤسف استعمال الأحزاب المسيطرة على الحكم في العراق صورة هذه المرأة البسيطة لإشهار الشكل المفضل أو المطلوب من الحشمة وتصديره على أنه القاعدة بينما هو مجرد شكل من صورة متخيلة لرسام مجهول لا أصل لها في الواقع العراقي الذي يحوي صورا متنوعة عن المرأة العراقية من مختلف الخلفيات الاجتماعية والدينية والطائفية بأشكال متدرجة ومتنوعة من الحجاب والسفور تحافظ فيه الغالبية من النسوة على الفهم الشعبي الشائع عن الحشمة خارج مزاد الصور السياسية التي يراد بها الترويج الأيديولوجي وأيضا القضم من مساحة حرية المرأة المحدودة أصلا وتصوير كل من لا يطابق قناعات أحزاب السلطة من النساء أنهن ناقصات حشمة ودين

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح