أين صوت الجامعات العربية

٣٥ مشاهدة
تتعالى أصوات يزداد حجمها يوميا في جامعات في جميع أنحاء العالم منددة بمجازر الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ نحو مائتي يوم متجهة إلى تشكيل تكتل عالمي من الجامعات في إطار أكبر حركة طلابية عالمية شبيهة بتلك التي عرفها العالم في سبعينيات القرن الماضي وستينياته وأدت إلى وقف حربي الجزائر وفيتنام انطلقت بداية الحركة الطلابية الجديدة من جامعة كولومبيا في أميركا أطلقتها حركة طلاب من أجل العدالة في فلسطين التي نصب أعضاؤها خيامهم في حديقة الجامعة منذ يوم 17 إبريل نيسان الجاري ما أدى إلى تعطيل الدراسة في جميع أقسام الجامعة ودفع رئيسها إلى استدعاء الشرطة لاعتقال المتظاهرين وهو ما فجر غضب الطلاب وأدى لانضمام طلاب آخرين وأعضاء من هيئة التدريس إلى مخيم المحتجين الذي تحول إلى حديقة هايد بارك أميركية تعقد فيها دورات تعليمية ويتناوب متحدثون على منصتها يخاطبون الطلاب وتنظم فيها أنشطة تتوزع ما بين ترديد الشعارات والغناء والرقص على نغمات الدبكة الفلسطينية بحيث أصبح الطلاب يقولون إنهم سيظلون هناك يغنون ويشاهدون ويصلون ويقرأون ويرقصون ويتقاسمون كسرات الخبز إلى حين الاستجابة لمطالبهم زخم هذه الحركة المتنامي بعدما بدأت صغيرة بحفنة من الطلاب دفع طلاب جامعات أخرى في أميركا إلى التضامن معهم قبل أن يمتد التضامن ليصل إلى جامعات في جميع أنحاء العالم وتلتحق بهم أسماء كبيرة في عالم السياسة والثقافة والفكر والفن وفي الوقت نفسه ارتفع سقف مطالب الحركة الطلابية التي أصبح مطلبها يتجاوز وقف إطلاق النار وإعادة زملائهم الموقوفين إلى إنهاء كل تعاقد بين الجامعة والمجمع الصناعي الحربي الذي يزود إسرائيل بالسلاح ومطالبة مجلس الجامعة بإعادة النظر في كل الاتفاقات التي أبرمتها مع المجمعات الصناعية العسكرية ومؤسسات البحث الإسرائيلية على ضوء القيم الأساسية للجامعة المتمثلة في العدالة والسلام وحقوق الإنسان طلاب عديدون في العالم أصبحوا ينظرون إلى مخيم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا بواشنطن فعلا بطوليا انتقلت عدوى هذا الاحتجاج الطلابي إلى جامعات أخرى داخل أميركا وفي العالم أمام استمرار الحرب واستمرار الصمت والتواطؤ الدولي مع المجرمين فطلاب عديدون في العالم أصبحوا ينظرون إلى مخيم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا بواشنطن فعلا بطوليا يسعون إلى الاحتذاء به للضغط على جامعاتهم ومن خلالها على حكومات دولهم للتحرك لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العزل الأبرياء في غزة والضفة الغربية ومن أجل كسر هذا الحركة يتم إشهار سلاح معاداة السامية التقليدي لإسكات كل صوت ينتقد إسرائيل وأفعالها الإجرامية لكن أمام وعي الطلاب فإن هذا السلاح لم يعد يجدي خصوصا بعدما أكد الطلاب أنهم سيستمرون في احتجاجهم حتى تسمع أصواتهم ضد المذبحة الجماعية للفلسطينيين في غزة معلنين أن حركتهم سلمية تسير على خطى حركات الحقوق المدنية والحركات المناهضة للحرب على مر التاريخ الأميركي وبالفعل منذ خمسينيات القرن الماضي أصبحت الحركات الطلابية تعتبر حقا محرك الثورات نحو التحرر والديمقراطية في مختلف الدول من أميركا إلى أوروبا إلى شرق آسيا وفي المنطقة العربية إبان فترة الربيع العربي لتحتل المكانة التي كانت توليها الماركسية لدور الطبقة العاملة في التغيير على اعتبار أن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ كما كان يقول الماركسيون لكن بسبب ضعف النقابات وتسييسها وارتشائها أصبحت الحركة الطلابية هي القادرة على صنع التغيير في مجتمعاتها لما لها من طاقة شبابية واستقلال سياسي عن الأحزاب وجماعات المصالح ونظرا إلى ما تختزله من طاقات شبابية كبيرة تجعلها صانعة المستقبل بلا منازع يتم إشهار سلاح معاداة السامية التقليدي لإسكات كل صوت ينتقد إسرائيل وأفعالها الإجرامية لكن أمام وعي الطلاب فإن هذا السلاح لم يعد يجدي ولكننا في منطقتنا العربية نكاد لا نجد أي صدى لصوت طلابها أو جامعاتها أو على الأقل لم يصل صداه إلى خارج دوله لأسباب غير معروفة وغير مبررة أيضا لأن الفعل النضالي هو الذي يفرض نفسه على الأحداث وفي الحالة المغربية القريبة من كاتب هذه المقالة ما يهيمن على الجامعة اليوم هما هاجسا الخوف والقمع خوف الأساتذة والكوادر الجامعية من رفع أصواتهم عاليا داخل الحرم الجامعي لنصرة القضية الفلسطينية وفي المقابل القمع الممنهج الذي تتعرض له الحركات الطلابية التي تريد أن ترفع صوتها منددة بالحرب الإجرامية في غزة ففي الشهر الماضي مارس آذار استدعت رئاسة جامعة تطوان قوات الأمن لمحاصرة الحرم الجامعي وإغلاقه أمام الطلبة لمنع تنظيم الملتقى السادس حول القدس الذي دأب اتحاد الطلبة المغربية الذي يهيمن عليه فصيل طلاب جماعة العدل والإحسان داخل الجامعة وكان اللقاء سيعقد تحت شعار طوفان الأقصى شرف الأمة وعزتها عنوان نصرها وتحررها لكن رئيس الجامعة قرر إيقاف الدراسة وإغلاق جميع مرافق المؤسسات التابعة لجامعته ثلاثة أيام وهي التي كان مقررا عقد الملتقى فيها وفي الجامعات المغربية الأخرى التي تزيد عن الثلاثين من دون احتساب المعاهد والمدارس العليا يخيم الصمت المشوب بالخوف سواء بين صفوف الطلاب أو بين سلك الأساتذة والمدرسين وحسب ما قال أستاذ جامعي مرموق ومعروف بمواقفه التقدمية المساندة للقضايا العادلة وفي مقدمها القضية الفلسطينية لكاتب هذا المقال الخوف هو الذي يمنع الجامعات المغربية من التحرك لنصرة القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين ويستدل بحديث بينه وبين رئيس جامعته وهي مرموقة في الرباط عندما طرح عليه موضوع تنظيم فعالية علمية تتناول الحرب على غزة برر رئيس الجامعة خوفه من تنظيم فعالية علمية كهذه بأن الجهات العليا في الدولة قد لا تسمح بها خصوصا في ظل التطبيع الرسمي بين الدولة المغربية والكيان الصهيوني والذي شمل أيضا جامعات مغربية الجامعة منارة العلم وقائدة المجتمع وفي المغرب كانت تاريخيا حاضرة في كل المنعطفات الكبيرة التي مرت بها التحولات المغربية حتى في أحلك سنوات الجمر والرصاص حيث كان طلبة الجامعات وأساتذتها في المقدمة لقيادة الحركات الاجتماعية والسياسية التي دافعت عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لكن رؤساء هذه الجامعات أصبحوا في العقدين الأخيرين مجرد موظفين يحرصون على مناصبهم ومزاياهم أكثر من حرصهم على سمعتهم العلمية ومكانتهم الرمزية داخل المجتمع ينتظرون الإشارات التي تأتيهم من السلطة للامتثال لها ولا يترددون في قمع كل الأصوات المزعجة التي قد تجلب عليهم غضب السلطة وعدم رضاها الذي قد يكلفهم مواقعهم ويحطم آمالهم في تسلق سلالم الولاء والطاعة لها أصبح رؤساء الجامعات المغربية في العقدين الأخيرين مجرد موظفين يحرصون على مناصبهم ومزاياهم أكثر من حرصهم على سمعتهم العلمية أما الحركة الطلابية المغربية فقد كانت دائما في مقدمة نضال الشعب المغربي تقود حركته المدنية وتوجه أحزابه السياسية وقدمت على مر تاريخ المغرب الكثير من المواقف البطولة والتضحيات الكبيرة لقيادة المجتمع نحو التغيير والتقدم والتطور وفي فترة الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب سواء في أثناء حركة 20 فبراير شباط عام 2011 أو في أثناء حراك الريف عام 2016 كان شباب الجامعات هم الذين يقودون ويؤطرون التظاهرات التي جذبت آلاف الشباب من جميع الفئات ومن كل المستويات التعليمية ما أعطى لتلك الحراكات زخما كبيرا كان له أثره داخل المجتمع لولا تكالب السلطة والدولة والأحزاب عليها وما يمنع اليوم الحركة الطلابية المغربية من التعبير عن صوتها عاليا هو موجة القمع الممنهج الذي نجحت آلة القمع في المغرب بتعميمه على جميع أصوات الاحتجاج وفي انتظار أن يصحو ضمير الجامعات في منطقتنا العربية فإن الحرب الإجرامية الدائرة رحاها في غزة جعلت كثيرين حتى من البعيدين عن المنطقة وعن القضية يعانون من أزمة أخلاقية عميقة وإذا لم يستجب العالم للأصوات التي ترتفع مطالبة بوضع حد للمأساة سوف تكون لهذه الأزمة الأخلاقية تداعيات رهيبة وعواقب إنسانية مدمرة على مستقبل التعايش البشري القائم على قيم نراها اليوم تتحطم أمامنا مثل أصنام بالية ولا أحد يتحرك

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح