صنعاء والضاحية وفاء مؤصل وعهد أبدي لا يسقطه التقادم
في لحظة تاريخية فارقة، حَيثُ تتهاوى أبنيةُ التبعية تحت وطأة الخِذلان المريع، وتتعالى صيحاتُ الاستكبار الكوني لتحيل خارطة الأُمَّــة إلى حطام، تبرز ظاهرة قدسية تكسر حاجز الصمت والتخاذل إنها فكرة، وعقيدة، وخط دفاع أخير يُعرَف بـ”محور المقاومة”.
لم يعد الأمر مُجَـرّد تجمع عسكري أَو تكتل سياسي عابر؛ بل هو اندماج قدري، بين إرادات صلبة، تتجلى فيه أواصر لا ترهبها طائرات العدوّ الأمريكي والصهيوني ولا تذيبها رمال النسيان.
إن ما يربط صنعاء العصية بضاحية بيروت المقاومة ليس مُجَـرّد تنسيق جغرافي، بل هو قسم علوي مهيب، محفور بأبجدية الدم المنجز.
لقد كانت المقاومة الإسلامية، سيف الأُمَّــة وغمد عزتها، أول من أدركت ببصيرتها الثاقبة أن العدوان على اليمن والمأساة اليمنية لم تكن حدثًا منعزلًا، بل هي محور استئصال واختبار مصير يستهدف قلب المحور الاستراتيجي وكسر العمود الفقري للمقاومة، مدركة أن العدوان لم يكن على الجغرافيا اليمنية وحسب، بل على شريان العقيدة الواحدة.
منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على اليمن، انبثق صوت سيد شهداء الأُمَّــة والإنسانية، السيد الأسمى حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، مدويًا كالجلجلة، لا يخطئه صمت المتخاذلين.
ولم تكن خطاباته مُجَـرّد بيان سياسي، بل كانت مظلة سيادة وصيحة حق نافذة، نسفت أوهام شرعية العدوان المزعومة وكشفت عري المشروع التآمري وفضحت زيف ادِّعاءاته، مصنفة إياه نكسة أخلاقية وتاريخية بامتيَاز.
هذا الموقف شكّل درعًا إعلاميًّا ومعنويًّا حمى الصمودَ اليمني من الانهيار في عصف التضليل الدولي.
إن ارتقاءَ الترسانة اليمانية الباسلة، من الصواريخ الباليستية وفوق الصوتية إلى المسيرات الكاسرة للهيمنة، التي باتت تخرق عمق دول العدوان وتخنقُ كَيان الاحتلال الصهيوني في البحر الأحمر والعربي، هو ثمرة جهادية مشتركة تعلن ميلاد مفهوم جديد للأمن الإقليمي تحت سلطة الإرادَة الجماعية للمقاومة.
إن الموقف اليمني اليوم تجاه حزب الله في لبنان، في غمرة المعركة الوجودية، ليس وليد استجابة ظرفية، بل هو وفاء مؤصل لأهل الوفاء، وفرض عين قدري ووفاء سرمدي لفضل لا يُمحى، ودين كرامة مستحق ومؤبد لا يسقطه التقادم لأهل العزة الذين لم يتزلزلوا حين ارتعشت
ارسال الخبر الى: