صفقة إماراتية مرتقبة تؤزم العلاقات بين الجزائر وإسبانيا
٧٨ مشاهدة
شكل العرض الإماراتي لشراء كامل أسهم شركة الطاقة الإسبانية ناتورجي شريك سوناطراك في سوق الغاز حلقة جديدة في مسلسل متأزم للعلاقات بين الجزائر ومدريد منذ فترة طويلة وتهديد البلد العربي بقطع إمداداته إن حصل تغيير في هوية مالكيها ومنتصف إبريل نيسان الماضي طفا إلى السطح عرض إماراتي عبر شركة طاقة الإماراتية لشراء كامل أسهم ناتورجي الاسبانية التي تعتبر أكبر مشتر للغاز الجزائري في إسبانيا وتحوز مؤسسة أبوظبي للطاقة المملوكة لصندوق الثروة السيادي إيه دي كيو في أبوظبي أكثر من 90 بالمائة من شركة طاقة صاحبة العرض المقدم للإسبان وقالت شركة ناتورجي الإسبانية يوم 8 مايو أيار الجاري إنه لا يوجد أي شرط في العقود التي تجمعها بشركة سوناطراك الجزائرية يمنعها من بيع حصصها لشركات أخرى مشيرة إلى أنه في الأصل سبق أن تمت عملية بيع حصصها لأطراف أخرى دون أن يؤدي ذلك إلى أي مشاكل يأتي العرض الإماراتي لأكبر زبون للغاز الجزائري في إسبانيا في ظل فتور غير مسبوق في العلاقات بين الجزائر وأبوظبي بدأ مع وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم نهاية عام 2019 خاصة بعد انتقاده العلني لاتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني تهديد جزائريبعد أسابيع من العرض الإماراتي هددت الجزائر عبر مصدر رسمي لم يكشف عن هويته تحدث لوكالة رويترز بأنها ستوقف إمدادات الغاز إلى ناتورجي إذا حصل تغيير في ملاك الشركة الإسبانية وأعقب ذلك رد فعل من طرف الشركة الاسبانية التي صرحت عبر أحد الناطقين باسمها بأن عقود التوريد المبرمة مع الجزائر لا تتضمن أي بنود قد تتأثر بالتغير في هيكل الملكية ونقلت وسائل إعلام إسبانية بينها موقع إل كونفيدينثيال أن الصفقة المحتملة ستكون في خدمة المصالح الاقتصادية للمغرب الذي سيستفيد من ضخ عكسي للغاز الجزائري من طرف حلفائه الإماراتيين عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي أوقفت الجزائر العمل به منذ خريف 2021 وسابقا هددت الجزائر أيضا بقطع الإمدادات عن إسبانيا إن حدث تحويل في الوجهة النهائية للغاز نحو دولة أخرى وفق ما تنص عليه البنود التعاقدية بين سوناطراك وناتورجي وترتبط سوناطراك بعقود طويلة المدى لإمداد شركة ناتورجي الاسبانية بالغاز إلى غاية 2031 كما تشترك سوناطراك وناتورجي في خط أنابيب الغاز ميدغاز الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر البحر المتوسط كما يمتلك عملاق الطاقة الحكومي الجزائري حصة في رأسمال شركة ناتورجي تقدر بـ4 1 بالمائة ويجني بموجبها أرباحا سنوية من بيع الغاز في السوق الداخلية الاسبانية وفي حال التوصل إلى اتفاق نهائي بين طاقة وباقي المساهمين في ناتورجي فإن العملية تحتاج في النهاية موافقة الحكومة الإسبانية بالنظر إلى أن أي استحواذ أجنبي لرأسمال شركة إسبانية بنسبة تفوق 30 بالمائة يتطلب موافقة الحكومة من أجل ضمان مصلحة البلاد يذكر أن صافي أرباح شركة ناتورجي في عام 2023 ارتفع بأكثر من 20 بالمائة واستفادت الشركة من الأرباح القوية لعملياتها والتي تشمل مصادر الطاقة المتجددة وأعمال الغاز الطبيعي المسال حيث طمأنت المستثمرين من خلال زيادة الحد الأدنى للأرباح الموزعة حتى عام 2025 مع تقليص الاستثمارات المتوقعة وارتفع صافي الربح إلى 1 99 مليار يورو 2 16 مليار دولار من 1 65 مليار يورو متجاوزا 1 94 مليار يورو التي توقعها المحللون الذين استطلعت آراؤهم من قبل إل إس إي جي وقال الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة فرنسيسكو رينيس إن النتائج تعكس متانة خططنا الصناعية والإدارة المالية الحكيمة جمود سياسي ودبلوماسيفي شهر فبراير شباط الماضي جرى إلغاء زيارة وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس إلى الجزائر وكان يفترض أن تكون أول زيارة رسمية بين البلدين منذ قرابة العامين في أعقاب أزمة دبلوماسية بسبب تغيير مدريد موقفها من نزاع قضية الصحراء وكانت أزمة دبلوماسية بين البلدين اندلعت في مارس آذار 2022 بعد رسالة من رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز إلى ملك المغرب محمد السادس أعلن فيها دعم مبادرة الرباط للحكم الذاتي في الصحراء أثارت الخطوة حينها حفيظة الجزائر التي أعلنت استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور تلاه قرار بتجميد العمل بمعاهدة صداقة بين البلدين شهر يونيو حزيران 2002 وفي تصريحات سابقة أكد الرئيس الجزائري أن بلاده طلبت أن تتبنى إسبانيا موقف الاتحاد الأوربي في ما يتعلق بقضية الصحراء واعتبرت السلطات الجزائرية وقتها أن موقف الحكومة الإسبانية مناف للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام وتساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وفي المنطقة قاطبة ويقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا بالصحراء تحت سيادته بينما تدعو جبهة البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم قطيعة اقتصاديةوبعد الجمود السياسي والدبلوماسي الشامل في علاقات البلدين امتدت القطيعة إلى الاقتصاد والتجارة منذ يونيو حزيران 2022 وتوقفت واردات الجزائر من إسبانيا بشكل شبه تام مقابل استمرار في تدفق صادرات البلد العربي إلى مدريد وفي مجملها محروقات غاز ونفط ومشتقات بترولية بعد تعميم أصدرته جمعية البنوك والمؤسسات المصرفية حكومية منعت بموجبه عمليات الاستيراد وخريف 2022 راجعت شركة المحروقات الحكومية سوناطراك أسعار عقود توريد الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب ميدغاز الذي يربط البلدين عبر المتوسط وبررت سوناطراك الإجراء حينها بضرورة تحيين أسعار الغاز وجعلها تواكب التطورات الحاصلة في السوق الدولية عقب الحرب الروسية الأوكرانية ونشرت وسائل إعلام إسبانية تقارير في أكثر من مناسبة تحدثت عن خسائر فادحة طاولت الشركات الإسبانية التي تصدر سلعا وخدمات إلى الجزائر جراء توقف شبه تام لمبيعاتها الأهداف السياسية للصفقةفي هذا السياق يرى رئيس النادي الجزائري الإسباني للتجارة والصناعة جمال الدين بوعبد الله أن الإمارات ومن خلال عرض طاقة لشراء شركة ناتورجي وفي ظل علاقات متوترة مع الجزائر كان واضحا أنه يستهدف جوانب سياسية أكثر منها اقتصادية ويقول بوعبد الله في حديث لـالعربي الجديد إن مدريد يبدو أنها خلصت إلى أن هذه الصفقة وفق العرض الذي تقدمت به شركة طاقة لا تخدم البلاد ولا تتناسب مصالحها مع الاستراتيجية خصوصا بعد أن هددت الجزائر بقطع الإمدادات في حال حصل تغيير في ملاك شركة ناتورجي ووفق بوعبد الله فإن آخر ما تم تداوله بشأن هذه الصفقة هو مقترح من السلطات الإسبانية بالعرض على شركة طاقة بأن لا تتحكم في كامل رأسمال ناتورجي بل في جزء منه فقط يكون بحصة تقل عن 50 بالمائة بالشراكة مع بنك كايسكا وخلص رئيس النادي الجزائري الإسباني للتجارة والصناعة إلى أن سلطات مدريد رأت في أن هذه الصفقة بهذه الصيغة أي أقل من 50 بالمائة فقط لشركة طاقة ستضمن استمرار تدفق إمدادات الغاز الجزائري على البلاد العقود تحمي سوناطراكالخبير بشؤون الطاقة والمسؤول السابق بشركة النفط الحكومية الجزائرية سوناطراك بغداد مندوش يؤكد أن الحكومة الإسبانية من المستبعد أن توافق على عرض طاقة الإماراتية للاستحواذ على كامل أسهم ناتورجي لعدة أسباب ويشرح مندوش الذي شغل مناصب سامية بشركة سوناطراك سابقا أن هناك مرسوما ملكيا في إسبانيا صادرا في 2022 برقم 271 يخول الحكومة التدخل في بيع أسهم الشركات الناشطة في قطاعات استراتيجية على غرار الطاقة وحسب المسؤول السابق بشركة النفط الحكومية الجزائرية سوناطراك فإن المرسوم يتيح للحكومة التدخل بتطبيق حق الشفعة تجاه أي طرف أجنبي راغب في شراء أسهم شركة إسبانية عمومية أو خاصة بأكثر من 10 بالمائة وشدد مندوش على أن الطرف الجزائري لم يعلق بعد رسميا على ما يتم تداوله بشأن هذه الصفقة سواء وزارة الطاقة أو سوناطراك التي أبرمت عقدا طويل المدى مع ناتورجي لإمدادها بالغاز وأشار الخبير بشؤون الطاقة إلى أن سوناطراك ترتبط مع ناتورجي بعقد طويل المدى وإن حدث تغيير في الوجهة النهائية للغاز الجزائري إلى غاية 2032 فإن الطرف الجزائري سوف يرفع قضية في التحكيم الدولي وقال في هذا الصدد نشير إلى أن العقود الطويلة فيها بند يعرف بـ خذ أو ادفع take or pay ومفاده أن الكميات المتعاقد عليها يجب على الطرف الإسباني أن يشتريها وفي حال عدم حدوث ذلك يجب عليه دفع ثمنها