كلمة واحدة باتت تكفي للإشارة إلى ما جرى ما بين النجم عمرو دياب وأحد المعجبين به الصفعة وقد احتلت عناوين الأخبار في القنوات التلفزيونية والمجلات والسوشيال ميديا وكثرت التعليقات بشأن كيفية تحديد مسؤولية سوء التصرف إياه أهي عائدة إلى النجم المتعالي ضيق الخلق كما قيل عنه أم إلى المعجب الوقح قليل اللياقة وربما كان السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يقدم شخص بالغ وسوي على إذلال نفسه أو تعريضها لسوء معاملة من أجل الحصول على توقيع نجم محبوب أو التقاط صورة سيلفي معه هل هو الإعجاب فعلا دافع هذا السلوك أم هي رغبة المعجب بوضع نفسه في إطار مشترك مع نجمه لامتصاص القليل من بريق السطوة والشهرة أو ربما حتى الاحتفاظ بذكرى إنجاز حققه ببلوغ جسد الفنان ملامسته أو مجاورته لثوان من يعرفون عالميا باسم فانز باتوا يدركون أهميتهم بالنسبة لمعشوقيهم ودورهم الأساس في رواج منتجه شرائه واستهلاكه وتحقيق أرقام مبيعات أو مشاهدات مرتفعة هي قرين النجاح ولهذا باتوا يسمحون لأنفسهم بتقصير مسافة كانت فيما مضى شاسعة عصية على الاجتياز إذ راحوا يشعرون هم أيضا بسطوة ما بات يجيزها لهم عصر العولمة فمن تراه كان يحلم بالاقتراب من ليلى مراد أو فاتن حمامة أو شادية أو عبد الحليم حافظ ومن كان يقبل في تلك الأيام أن ينزل النجم من عليائه إلى الأرض ويتصرف كعامة البشر الاعتياديين النجم كان أسطورة أما اليوم فهو مادة وإن مميزة واستثنائية للاستهلاك وبالفعل اشتقاقيا تعود كلمة فان Fan إلى القاموس الأنجلو أميركي وهي اختصار لمفردة fanatique العائدة بدورها إلى أصل لاتيني هو فانوم Fanum أي المعبد ويشير إلى شخص يرى نفسه ملهما من الآلهة ما يربطه بشيء من التعبد الديني حتى في مجتمعات غربية تراجعت فيها مكانة الدين وقد تتلخص النظرة السلبية إلى جحافل المعجبين التي سادت في مرحلة ما إلى عالم الاجتماع الفرنسي الشهير بيار بورديو في كتابه التمييز نقد اجتماعي لحكم الذوق 1979 إذ درس جماهير المعجبين الذين اعتبرهم مثالا للجماهير المهيمنة التي تقارب الثقافة من دون المهارات اللازمة في حين تسعى إلى التمايز من غير امتلاك الوسائل فالمعجب أو الفان بحسب بورديو هو الشخص الذي يتعامل مع الأشياء غير المهمة كما لو كانت أعمالا فنية وينتمي إلى البرجوازية الصغيرة والطبقات العاملة لا إلى الطبقات الحاكمة وفي حين يعتقد أنه يحب منتجا ثقافيا فهو يرضخ في الواقع للقيم والتراتبية الهرمية المفروضة عليه من دون أن يعرف أن حبه هذا هو عمليا التعبير عن اغترابه اليوم تراجعت تلك النظريات الحتمية وقد أخضعت جماهير المعجبين لدراسات تجريبية عديدة أظهرت أن أنواعا مختلفة من رأس المال الثقافي يمكن أن تتعايش معا وأن كون الفرد معجبا بفنان ما لا يمنعه من تقدير أشكال أخرى من الثقافة الشرعية مع الإشارة إلى وجود حدود بالطبع بين الطبقات الاجتماعية في طرق الاستهلاك أو في المواقف تجاه المنتجات الثقافية المختلفة لقد عرف المشهد الثقافي عالميا تحولات كبرى مع المكانة المركزية التي احتلها التلفزيون وانتشار الإنترنت وبروز الصناعات الثقافية ما أدى إلى تهجن الثقافات وامتلاك الفرد أنواعا مختلفة من رأس المال الثقافي فأمكن للمثقف والموظف والمتعلم والعامل أن يعجبوا بالفنان نفسه هذا وقد أصابت أساليب إنتاج السلع الثقافية وتوزيعها وتكريسها تغيرات مهمة مع العولمة الاقتصادية وسهولة الوصول التي تتيحها وسائل الاتصال الجديدة تضاف إليها سياسات المؤسسات والشركات الثقافية التي فرضت تسويقا واسع النطاق ما فرض بدوره ارتباطا وثيقا بين فرادة العمل الفني أو قيمته وشخصية الفنان سمعته أو صورته الإعلامية من جهة أخرى وذلك بغض النظر عن القيمة الفنية الفعلية للمنتج وعليه أيكون من المعقول أن تكون صفعة عمرو دياب موجهة في النتيجة لفنه أكثر مما هي موجهة لمعجبه الثقيل