بعد قرار وقف صادرات الغاز الروسي إلى النمسا ماذا عن غرامات التعاقد
٣٤ مشاهدة
قررت شركة غازبروم وقف صادرات الغاز الروسي إلى النمسا بداية من أول أمس السبت ردا على إعلان شركة أو إم في الأربعاء الماضي حكما يمنحها الحق في المطالبة بتعويض قدره 230 مليون يورو بسبب قطع سابق للغاز لفرعها الألماني وهو ما يطرح تساؤلات عن إمكانية فرض عقوبات أوروبية شاملة على موسكو مع وجود عقود ملزمة يترتب عليها غرامات تعاقدية من جانبه قال الباحث في الشؤون الأوروبية كاي مورشلات في تصريحات لـالعربي الجديد إن القرار الروسي بمثابة أداة ضغط على الجانب النمساوي الذي مازال يعتمد إلى حد كبير على واردات الغاز الروسي مشيرا إلى أن العقوبات الأوروبية حتى الآن لم تشمل جميع واردات الغاز الروسي خاصة المسال إذ تشير الأرقام إلى أن روسيا كسبت ما لا يقل عن 12 5 مليار يورو العام الماضي من خلال صادراتها من الغاز الطبيعي لدول أوروبية رغم العقوبات وأضاف أن هناك قرارا أوروبيا حول إنهاء الاعتماد على الغاز الروسي كليا في العام 2027 وهو ما لا تؤيده الشواهد حتى الآن إذ إن الغاز الروسي ما زال يتدفق عبر خطوط الأنابيب التي تمر عبر أوكرانيا إلى النمسا وسلوفاكيا والمجر ودول أخرى الغاز الروسي يتدفق إلى أوروبا ووقعت النمسا عام 2018 مع غازبروم عقودا تستمر حتى عام 2040 ووفقا للعقود يتعين على شركة الطاقة النمساوية أو في إم أن تدفع ثمن الغاز حتى لو لم تشتره فضلا عن سلوفاكيا والمجر والدول المجاورة ولا يزال 5 من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي يتدفق عبر الخطوط الأوكرانية وكانت روسيا توفر 40 من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز قبل الحرب في أوكرانيا وأرسلت روسيا نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في عام 2023 أي نحو 8 فحسب من ذروة تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر طرق مختلفة في 2019 2018 وفقا لبيانات جمعتها وكالة رويترز ووفقا لوكالة الطاقة الدولية مر 65 من إمدادات الغاز التي تتلقاها النمسا وجارتاها المجر وسلوفاكيا عبر أوكرانيا في 2023 وينتهي سريان اتفاق بين موسكو وكييف لمدة خمس سنوات بشأن عبور صادرات الغاز الروسي من أوكرانيا إلى أوروبا في نهاية العام الجاري ودأبت كييف على قول إنها لن تمدد العقد في ظل الصراع العسكري المستمر وتعليق موسكو إمدادات الغاز إلى النمسا المتلقي الرئيسي للغاز عبر أوكرانيا يعني أن روسيا لن تورد كميات كبيرة من الغاز إلا إلى المجر وسلوفاكيا وفي حالة المجر عبر خط أنابيب يمر في الغالب عبر تركيا كذلك ما زالت ناقلات الغاز الطبيعي المسال الروسية ترسو بانتظام في ميناء زيبروغ البلجيكي وفي مختلف محطات الغاز المسال الفرنسية والإسبانية وتشير البيانات إلى أن صادرات الغاز الطبيعي الروسي المسال لأوروبا ارتفعت في النصف الأول من عام 2022 والذي شهد بداية الغزو الروسي لأراضي أوكرانيا مقارنة بنفس الفترة من العام 2021 إذ بلغت نسبة الزيادة في بلجيكا نحو 50 وفي فرنسا 9 على الأقل وإسبانيا بنسبة 55 وتلزم العقود الموقعة قبل الحرب في أوكرانيا بين روسيا من جانب ودول في الاتحاد الأوروبي من جانب آخر دفع غرامات تعاقدية في حال الإخلال بأي بند من بنود التعاقد وأكدت غازبروم أن تدفقات الغاز إلى النمسا تظل متوقفة أمس الأحد لكنها أشارت إلى أن إجمالي الإمدادات اليومية عبر أوكرانيا الطريق الرئيسي لنقل الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي سيظل عند 42 4 مليون متر مكعب وهو نفس الحجم تقريبا لكل يومين على مدار العام الماضي وتعد النمسا من الدول القليلة في الاتحاد الأوروبي التي استمرت في الحصول على الغاز من روسيا عام 2024 وكانت إمدادات روسيا من الغاز تمثل قرابة 80 من إجمالي الإمدادات في النمسا هذا العام إذ كانت النمسا تتلقى 17 مليون متر مكعب قبل قطع الإمدادات والآن تجد هذه الكميات مشترين جددا في أوروبا ولا يزال الغاز الروسي يباع بكميات كبيرة إلى سلوفاكيا والمجر وكذلك إلى جمهورية التشيك التي ليس لديها عقد مباشر في حين تذهب كميات أصغر إلى إيطاليا وصربيا من جانبها بينت صحيفة هاندلسبلات الأحد عن هيئة مراقبة السوق الحكومية النمساوية أن الغاز عبر خط الانابيب الروسي لايزال يصل إلى نقطة النقل في باومغارتن في شرق النمسا عند الحدود مع سلوفاكيا وأضافت أن كميات الغاز التي تضخ حاليا إلى نقطة النقل في باوبغارتن أقل بنسبة عشرة إلى 20 عن المعتاد بعدما كانت فيينا تغطي ما متوسطه 80 من احتياجاتها من روسيا وأمام ذلك اعتبر مورشلات أن وقف الإمداد والضخ الذي أعلنته شركتا غازبروم وأو إم في اقتصادي أكثر من كونه فعليا غياب الإجماع الأوروبي لفرض حظر وتنسجم هذه البيانات أيضا مع تقديرات تشير إلى أن ألمانيا تستورد كميات كبيرة من الغاز الروسي بطريقة غير مباشرة وعبر الموانئ البلجيكية أو الفرنسية وتتم التغذية إلى شبكة خطوط الأنابيب في المحطات كما لم يعد من الممكن تحديد المصدر الدقيق للغاز في الأسواق الأوروبية ورأت أوساط دبلوماسية مطلعة أن قرار الحظر الحقيقي يجب اتخاذه بالإجماع في بروكسل وهذا غير موجود في الأفق والاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن ذلك وليس بسبب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للتكتل فحسب وهو الذي أقدم الربيع الماضي على توقيع عقود توريد إضافية مع غازبروم الروسية كما تسعى موسكو أيضا لتزويد بلدان جنوب شرق أوروبا بالغاز الروسي ولو بعلاوة سعرية معتدلة وملحوظة ووسعت روسيا من قدراتها في مجال الغاز الطبيعي المسال خاصة في مناطق القطب الشمالي وبحسب مركز برويغل للأبحاث في بروكسل فإن أول شيء تقوم به ناقلات الغاز الروسية وهي في طريقها إلى الأسواق العالمية البعيدة هو المرور بالموانئ الأوروبية القريبة حيث تعرض روسيا الغاز المسال على زبائن أوروبيين بأسعار أقل من تلك المستوردة من مناطق إنتاج أخرى في العالم وهو ما يغري الأوروبيين بالشراء في ظل غياب العقوبات على الغاز الروسي المسال كما يوفر على روسيا تكاليف النقل إلى الأسواق الآسيوية التي باتت أكثر كلفة مع تزايد مخاطر المرور عبر البحر الأحمر في ظل استمرار هجمات الحوثيين وقالت شركة شراء الغاز المملوكة للدولة في سلوفاكيا SPP في وقت سابق من الشهر الجاري إن أوروبا ليست على وشك التوصل إلى اتفاق لاستبدال خط أنابيب الغاز الروسي بالغاز الأذربيجاني حال توقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا نهاية العام الجاري وإذا توقفت هذه التدفقات فقد يؤدي ذلك إلى خسارة سنوية تبلغ نحو 6 5 مليارات دولار لروسيا ما لم يعثر على طرق أو أسواق بديلة وذكرت وكالة بلومبيرغ نيوز الخميس الماضي نقلا عن مصادر مطلعة على الخطط أن شركات من المجر وسلوفاكيا تقترب من توقيع صفقة لتلقي 12 14 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من أذربيجان وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن وقف عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا من شأنه أن يعطل كثيرا إمدادات الطاقة على عدد من دول القارة ومن المرجح أن يكون التأثير الفوري هو ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في جميع أنحاء أوروبا حيث تتفاعل الأسواق مع انخفاض العرض وزيادة عدم اليقين ودعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية إلى إعادة النظر في العقوبات المفروضة على روسيا لأنها تبقي أسعار الطاقة مرتفعة ما يعوق القدرة التنافسية للاتحاد وذكر أوربان في مقابلة مع الإذاعة العامة المجرية يجب خفض أسعار الطاقة بكل الوسائل وهذا يعني ضرورة إعادة النظر في العقوبات لأن أسعار الطاقة لن تنخفض في ظل سياسة العقوبات الحالية بحسب رويترز مضيفا أن الشركات الأميركية تدفع ربع ما تنفقه نظيراتها الأوروبية على الغاز والكهرباء وهو عائق لا يمكن التغلب عليه بوسائل أخرى