شليطا في البيت الأبيض حين تصفق الخشبة بيد واحدة

28 مشاهدة

لم يُفسح المسرح اللبناني، كما ينبغي، حيّزاً لزكي محفوض (ولكثيرين سواه) كي يقدّم ما في جعبته من معارف مسرحية كان يفترض بها أن تُختبر فوق الخشبة. ظل محفوض يسكن في جوهر المسرح، في منطقة نائية عن المسرحة بمعناها البصري والاحتفالي والتسويقي. مسرحٌ يطلّ على سوقٍ شحيحة الحضور، رغم عمق تجاربه التي لا تجد طريقاً إلى العرض إلّا بجهود فردية جبّارة، لتتحوّل لاحقاً إلى محطات في ذاكرة الحركة المسرحية، يُعاد تصنيفها بوصفها تجارب جريئة وثريّة في أطروحات الماجستير والدكتوراه، لا في فضاءات العرض الفعلي.
في عرضه البيروتي يوم 26 يونيو/حزيران الحالي، قدّم زكي محفوض مسرحيته شليطا في البيت الأبيض، جامعاً عناصر المسرح الأساسية، ومكثفاً إياها في نص من تأليفه، وضعه على خشبة متخيّلة أجرى عليها بروفاته الكتابية والأدائية، بمساعدة فنية احترافية (وإن كانت مجانية) من مقربين إليه: عايدة صبرا، وإيلي نجيم، ويعقوب محفوض. هكذا نشأت تجربة مسرحية مصنوعة ذاتياً، تتوسّل شكل الحكواتي وتُلحقه بفعل المسرحة، وسيلةً للهروب من كلفة العلبة الإيطالية، المكلفة على المبدعين الذين يختنقون من التوقف الطويل عن العمل.
محفوض في هذا العمل بدا كمَن يحاول النجاة من ذلك الاختناق. قدّم عرضاً موّهه على هيئة حكواتي لتقليص الأعباء الإنتاجية، لكنه في جوهره، أنجز مسرحية متكاملة الأركان الفنية. الشخصيات واضحة ومستقلة، وحاضرة في دراما قائمة على جدال وتفاعل. الأهم أنه تمكّن من صوغ حكايته في قالب واقعي مفهوم، رغم فانتازية بيئته، واستطاع، من خلال خبراته الحياتية، أن يقرّبها إلى تجارب المتفرج اللبناني الذي تفاعل بوعي مع اللعبة المسرحية.
واستخدم محفوض طرائق المسرح التفاعلي بأسلوب أقرب إلى ما اشتهر به الشيخ متولي الشعراوي، حين يدعو المشاهد إلى الإمساك بأطراف الحكاية المتشظّية، وإعادة وصلها بخيط سردي. أنتج كوميديا لذيذة، لا لأنها محكمة الصياغة، بل لأنها متجذّرة في التجربة الحياتية للمشاهد، الذي أدرك أن الفانتازيا المعروضة ليست سوى مرآة مشوّهة لواقعه، بل الواقع نفسه وقد ارتدى قناع العبث.

/> سينما ودراما التحديثات الحية

الستة من موريا... المخيم يحترق وتتكثّف فوقه سُحُب الصمت

في

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح