لن نكون شركاء في الإبادة تنازلات بالجملة عن منح ثقافية ألمانية

٥٩ مشاهدة
بإعلانها قبل أيام رفضها منحة لإقامة فنية في العاصمة الألمانية مقدمة من برنامج فنانون في برلين أصبحت الكاتبة الأيرلندية جوانا والش رابع شخص يرفض منذ بدء العدوان على غزة منحة أو الترشح لمنحة من الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي DAAD التي تصف نفسها بأنها صاحبة أضخم برنامج دعم ثقافي وأكاديمي في العالم حيث تتوزع مصادر تمويلها بين أربع جهات رئيسية هي وزارة الخارجية الألمانية ووزارة التعليم والبحث العلمي وزارة التطوير والتعاون الاقتصادي والاتحاد الأوروبي فضلا عن تبرعات من جهات خاصة وتعرف الهيئة عالميا من خلال المنح السخية التي تقدمها للطلاب الراغبين في الدارسة في ألمانيا بشكل كامل أو الالتحاق ببرامج التبادل الطلابي فضلا عن دعم برامج الدكتوراه أو الإقامات الفنية التي يتخصص بها برنامج فنانون في برلين إلى جانب ذلك تلعب المؤسسة دورا في دعم تدويل الجامعات الألمانية ودعم برامج تعليم اللغة الألمانية خصوصا في ما يسمى البلدان النامية فضلا عن تقديم الاستشارات لصناع القرار في السياسية الثقافية والتعليمية كما تنشط في إعداد حملات دعائية لـ الجامعات الألمانية وتوفير الدعم المادي لإصدار منشورات ثقافية وعقد مؤتمرات لها في دول مختلفة فضلا عن كونها صاحبة التوكيل المحلي لمشروع تبادل الطلاب الأوروبي إيراسموس أما برنامج فنانون في برلين والذي أعلنت جوانا والش ردها منحة مقدمة منه فيتخصص في تقديم الإقامات الفنية في برلين ويحصل إلى جانب موازنته من وزارة الخارجية على موازنة من مجلس شيوخ ولاية برلين حيث يقدم كل عام عشرين منحة لفنانين أجانب للإقامة سنة كاملة في العاصمة الألمانية بهدف التفرغ للإنتاج في حقول الفنون البصرية والأدب والموسيقى جوانا والش لا مساومة على إدانة الإبادة في رسالتها إلى رئاسة الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي متمثلة برئيسها البروفيسور جويبراتو موخرجي أكدت والش أن السبب الرئيسي الذي دفعها لرفض المنحة هو قرار اتخذه مجلس إدارة جامعة كولونيا التي يرأسها موخرجي نفسه بإلغاء دعوة كانت موجهة لأستاذة الفلسفة الأميركية يهودية الديانة نانسي فريزر لإلقاء محاضرة ضمن أحد البرامج البحثية وذلك على خلفية توقيعها رسالة مفتوحة تدعو إلى مقاطعة أكاديمية عالمية لـإسرائيل بسبب عدوانها على قطاع غزة وترى والش أن إلغاء دعوة فريزر على خلفية آرائها السياسية يهدد بشكل رئيسي حرية التعبير في ألمانيا وعموم أوروبا مؤكدة في رسالتها تأييدها هي أيضا الدعوة إلى المقاطعة الأكاديمية لـ إسرائيل حيث أن المقاطعة الأكاديمية عرفت تاريخيا كوسيلة سلمية للاعتراض على سياسات الدولة الممارسة للإرهاب كما حصل مع جنوب أفريقيا في الثمانينيات وتقارن والش بين هذه الدعوات السلمية وما قامت به جامعة كولونيا من منع للأكاديمية الأميركية من التحدث إلى الطلاب مشيرة إلى أن دعوات المقاطعة تستهدف مؤسسات دولة على عكس ما فعلته الجامعة من استهداف شخصي وتشير والش في رسالتها إلى أنها اتخذت بدورها خطوات كثيرة في الفترة الأخيرة للاعتراض على الأعمال الإبادية في فلسطين وهو الأمر الذي قالت إنه يدفعها للتضامن مع الأكاديمية الأمريكية والاعتراض على منع كلمتها وأنها بذلك تنضم إلى ثلاثة فنانين آخرين رفضوا في الأشهر الأخيرة منحا مقدمة من الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي بسبب سياساتها الإقصائية ومحاولة فرض أجنداتها على المشاركين في برامجها العالمية وبهذا تقطع والش الطريق أمام الهيئة لاستخدام هذه المنحة لابتزازها فكريا أو الدفع بها للتماهي مع السياسات الخارجية لألمانيا وفي ختام رسالتها جددت والش تأسفها للتنازل عن المنحة قائلة إنها رغم كل شيء تثمن ما كان رئيس الهيئة جويبراتو موخرجي يصفه بالالتزام الشخصي بـدعم شخصيات تعمل على إثارة النقاش العام داخل ألمانيا لكن هذا يتعارض بحسب والش مع السياسات التي تمارسها هيئات ومؤسسات ألمانية عديدة بما فيها الجامعة التي يرأسها ما يحتم مقاطعة هذه المؤسسات ومواجهتها فهي رغم تقديرها للدعوة التي وجهت إليها تؤكد على أنه لا يوجد تكريم أو مكانة يمكن أن يجعلها تساوم في الاعتراض على أي جرم يتعرض إليه الضحايا في هذا الصراع أو تهديد حرية الفنانين والأكاديميين لمناقشته داخل أوروبا متمنية أن تعيد الهيئة الألمانية النظر في سياساتها بحيث يصبح ممكنا لها مستقبلا أن تقبل دعوتهم والمنح التي يقدمونها والفنانون الثلاثة الذين تشير إليهم والش فهم يوناس ستال وهو فنان تشكيلي هولندي وإيفا جاناكوبولو وهي فنانة يونانية حيث رفضا في نيسان إبريل الماضي ترشيحا لإقامات فنية في برلين فضلا عن الكاتب البريطاني البارز تشاينا ميفيل الذي تخلى عن منحة جارية منذ مطلع العام يوناس ستال مناخ يذكر بفترة صعود النازية أما يوناس ستال وهو أول الفنانين الأربعة الذي تخلوا عن ترشيحهم للمنحة فقد ذكر إقصاء الأكاديمية نانسي فريزر سببا أول لرفضه المنحة وقد جاء في رسالته الموجهة إلى جويبراتو موخرجي لا يمكنني أن أتخيل كيف تشعر كممثل لمؤسسة حكومية ألمانية أن من حقك أن تملي على شخص يهودي ما يفترض أن يفكر فيه أو يقوله عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي أشعر بالفزع من روايتك المعادية للسامية التي تساوي بين النظام الإسرائيلي واليهود حول العالم وأنا لا أفهم كيف بالنظر إلى التاريخ الوحشي والعار الذي خلفته المحرقة والاضطهاد الجماعي الذي شهد قتل اليهود وشعب الروما والسنتي وكذلك المثليين والشيوعيين كيف تساهمون اليوم بشكل فعال في ثقافة يجري فيها تطبيع قمع خطاب الأشخاص الذين يواجهون الإبادة الجماعية وعدد ستال في رسالته مجموعة من الوقائع التي منعت فيها السلطات الألمانية مظاهر التضامن مع فلسطين وأي اعتراض على الإبادة الجماعية مؤكدا أن تصرف رئيس الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي يسهم في إضفاء القانونية على مثل هذه التصرفات وأنه ينأى بنفسه كمثقف وفنان أن يكون جزءا من المناخ السياسي الجديد في ألمانيا والذي شبهه من خلال كثير من الأمثلة بفترة صعود النازية ودعا يوناس ستال جويباتر موخرجي إلى اتخاذ موقف حاسم وذكره أنه غير مجبر على الاستمرار في هذه الإجراءات وأنه لا يزال هناك فرصة للتغيير حيث إن التكاليف التي نتكبدها في حياتنا المهنية والمعيشية هي في النهاية تكاليف ضئيلة مقارنة بأن تستيقظ يتيما في غزة أو تضطر إلى دفن أطفالك أنت على الجانب الخطأ من التاريخ وأتصور الوضع النفسي الذي تعشيه لتبقي جدارا بينك وبين حقيقة السياسات المعادية للسامية والعنصرية والقاتلة التي تضفي عليها الشرعية ولكنك لست مضطرا لفعل ذلك بإمكانك أن تكون واحدا من أولئك الذين يكسرون حاجز الصمت ويرفضون الانغماس في السلوك الاعتذاري لمن يشارك في الإبادة الجماعية تشاينا ميفيل برنامج مخز للقمع والعنصرية ومعاداة الفلسطينيين أما تشاينا ميفيل فقد قرر التخلي عن إقامته في برلين والانضمام إلى يوناس ستال معلقا شاهدت برعب الأجواء السياسية في ألمانيا وهي تزداد سمية أكثر فأكثر والقمع الذي يتعرض له المتضامنون مع الفلسطينيين يزداد وحشية والافتراء على النشطاء بما في ذلك بالطبع أعداد كبيرة من النشطاء اليهود باعتبارهم معادين للسامية أكثر فأكثر فظاعة مضيفا لتبيان عدم مواصلته الاستفادة من الإقامة الفنية في برلين لا يمكنني أن أقبل دعوة مؤسسة لا يمكنني أن أثق في أنها ستقف ضد هذا البرنامج المخزي للقمع والعنصرية المعادية للفلسطينيين وقال موجها كلامه إلى رئيس الهيئة وجامعة كولونيا في الواقع لقد أظهرت أنت استعدادك شخصيا لأن تكون جزءا من هذا الحالة بعدها بأيام انضمت إيفا جاناكوبولو إلى ستال وميفيل والتي جاء في رسالتها بينما عيناي شاخصتان إلى رفح حيث حمام الدم وشيك الحدوث مرة أخرى وسط الاحتجاجات العنيفة التي يقوم بها الطلاب في الجامعات الأمريكية وإسكات الأصوات التي تنادي بوقف إطلاق النار لا خيار أمامي سوى الانضمام إليهم في نضالهم الملح والضروري للدفاع عن حياة الإنسان والإنسانية والحرية الأكاديمية وحرية التعبير إيفا جاناكوبولو أرفض أن ألتزم الصمت من الملفت في خطاب الفنانين المنحدرين من أصول مختلفة تذكيرهم بالدور الذي لعبته بلدانهم كل على حدة في الجرائم النازية قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية وذلك ربما في محاولة منهم للفت أنظار المسؤولين والمثقفين الألمان إلى عدم جعل جرائم النازية سببا لغض النظر عن جرائم بشعة معاصرة بل محفزا ودافعا للوقوف بقوة ووضوح ضد هذه الجرائم في هذا السياق كتبت جانكوبولو مشيرة إلى تعاون حكومة بلادها اليونان آنذاك مع النازيين لتسليم اليهود اليونان إليهم بصفتي مواطنة في دولة أسهمت في الهولوكوست بتسليم مواطنيها اليهود للإبادة المحققة من دون سؤال دولة جرى فيها الاستيلاء على الممتلكات اليهودية وتدمير الآثار اليهودية أرفض أن ألتزم الصمت ولهذا أنضم إلى يوناس ستال وتشاينا ميفيل والناشطين في ألمانيا وإسرائيل الذين يتجرأون على المعارضة في جو استبدادي متزايد وأولئك الموجودين في الجامعات الأميركية وفي كل مكان من الذين لا يزالون صامدين في دعمهم للقضية الفلسطينية وهي نفس النقطة التي لفت إليها يوناس ستال الذي أشار إلى تورط بلاده هولندا في الهولوكوست وبصفتي مواطنا من بلد له تاريخ استعماري وحشي وتعاون فظيع مع النظام النازي يجب أن أقول لكم أنتم الآن جزء من مناخ أصبحت فيه عبارة لن يتكرر أبدا هي مرة أخرى مشيرا إلى الشعار الذي ترفعه النخب السياسية في ألمانيا حيث تؤكد على مدى عقود أنها لن تنزلق مجددا أبدا في الحالة التي أصابتها تحت حكم النازية يلفت الفنانون الأربعة وغيرهم ممن تنازل عن منح وجوائز ذات قيمة مادية ومعنوية عالية تقدمها مؤسسات ألمانية كما فعل مثلا الفنان التشكيلي المصري محمد عبلة حين تنازل عن وسام غوته الذي يقدمه معهد غوته الشهير إلى ضرورة اتخاذ المثقفين والفنانين مواقف مبدئية تضع هذه المؤسسات أمام التزاماتها الأخلاقية والثقافية وألا تصبح أداة لإسكات الأصوات أو حرف نشاطها الثقافي ومنذ بدء العدوان على غزة بدأت الحكومة الألمانية نفسها تعيد النظر في كل البرامج الثقافية والأدبية التي تدعمها أو توفر لها مخصصات ومباني وأرضيات تنشأ وتتطور عليها تجارب فنية وثقافية مختلفة فقد فوجئت الدولة بالصوت المرتفع والاعتراض الكبير اللذين قوبلت بهما سياساتها من غالبية المشاركين والمنضويين تحت هذه البرامج خصوصا أصحاب الإقامات الفنية من الوافدين من دول مختلفة حول العالم والذين رغم إقامتهم ونشاطهم في المدن الألمانية خصوصا برلين فهم لا يحملون العبء التاريخي في العلاقة المرتبكة مع اليهود وإسرائيل الذي تتخبط الدولة الألمانية في التعامل معه لذلك نشطوا من خلال عروض فنية وقراءات أدبية وندوات للمناقشة وتبادل الأفكار فضلا عن العمل السياسي النشط كالنزول في المظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين على خلاف ما اعتادت عليه النخب الثقافية الألمانية المتماشية مع سياسة الدولة بخصوص الدعم التام لـإسرائيل وكانت مواقف هؤلاء الكتاب والفنانين بمثابة انقلاب على سياسات الجهات التي تدعمهم وتقدم لهم المنح ما دفع بهذه المؤسسات إلى اتخاذ خطوات اقصائية تعسفية أحيانا بمنع انعقاد عرض مسرحي أو مؤتمر ثقافي أو إلغاء دعوة بسبب الآراء السياسية كما حصل مع الأكاديمية الأميركية نانسي فريزر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح