شخصيات تحمل جراحها علنا في مسرحية فرتيج

28 مشاهدة

يبدو السطح في مسرحية فيرتيج، التي قدّمتها جمعية دار الفن فاس بمسرح سيدي بليوط في مدينة الدار البيضاء يوم الخامس من الشهر الجاري، أكثر من مكان، فهو يمثّل شخصية محورية، برزخاً بين الأرض والسماء، يجمع المنبوذين ويجعلهم مرئيين أمام أنفسهم والجمهور، ويحوّل الصراع بين التديّن المزيف والفن إلى صراع شعوري وجدلي داخل كل شخصية. هنا يصير الصوت والجسد أدوات تحريرٍ، وتتكشف المغفرة كمسارٍ داخليٍ يُكتشف في مواجهة الماضي والثقافة والوصمة، لا كهديةٍ خارجيةٍ تُمنح.

منذ اللحظة الأولى، تكسر المسرحية، التي عرضت ضمن فعاليات مهرجان الأصيل للفن والثقافة، المسافة بين الخشبة وجمهورها، وتدفع المتلقّي إلى داخل عالمها قبل أن تتشكّل ملامحه. يمتدّ صخب الملهى الليلي عبر القاعة، ويصعد المغني فوق الخشبة فيما تتهادى فدوى مخمورة، تحمل كأسها وتتجوّل بين المقاعد كأنّها تبحث عن مخرج من ليلٍ آخر لا يتعلق بالموسيقى.

هذا الانغماس المبكر في الفوضى ليس مدخلاً جمالياً بقدر ما هو تمهيدٌ لانتقال حادّ يقود المشهد إلى سطح بيت مهترئ، حيث تعيش فدوى (نسرين المنجي) مع أمّها نعيمة (نجوم الزوهرة) في فضاء يعلو المدينة قليلاً، لكنه يظلّ مشدوداً إلى أسفلها بكل ما راكمته من وصم وذاكرة. هنا يتخذ العرض شكله الحقيقي؛ مواجهة معلّقة بين الماضي الذي لا يختفي والحاضر الذي يحاول النجاة منه، مواجهة تُعاد صياغتها عبر شخصيات تحمل جراحها علناً لأنها لم تعد قادرةً على حملها سرّاً.

توظيف الصوت والجسد لاكتشاف المغفرة بوصفها رحلة داخلية

تتجسّد جدلية الذنب والمغفرة في كل شخصية. فدوى، طالبة السوسيولوجيا، تتعامل مع إرث الأم بشكل حادّ، تتجاوز الغضب إلى انتقامٍ رمزيّ، وهي تقول بعد سلسلة من الاعترافات المؤلمة: لم أعد أعرف من يكون كل منا، من منا الآخر، ولا أين هو الطريق، معبرةً عن فقدان الهوية بين أجيال محكومة بالعار. نعيمة تحمل العار التاريخي للمرأة المقهورة والمقصّرة أمام المجتمع، وتواجهه بصمت محمّل بذكريات القسوة. إبراهيم (بادي الرياحي) يمثل الذنب المؤجّل، سجين الماضي وما يفرضه المجتمع من وصم، حتى وهو بريء من الاتهام المباشر، نموذج

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح