شجاعة ليلى سويف
يمثّل فيلم البريء (1986) للمخرج عاطف الطيب واحداً من أهم الأفلام المصرية التي قاربت بذكاء مفهوم العدو الذي لم يعد إسرائيل، بل الداخل المعارض للنظام. وفيه قدّم أحمد زكي دور أحمد سبع الليل، الفلاح البسيط الذي يجد نفسه في خضم صراع أكبر منه (زمن الأحداث في الفيلم يعود إلى انتفاضة الخبز عام 1977)، يتعلّق بتبدّل مفهوم العدو؛ فإذا هو من يتظاهر ضد النظام، فينحاز بفطرته إلى بديهيات المجتمع المصري، ويضطر تحت ضغط الصراع في داخله إلى إطلاق النار على حرّاس السجن الصحراوي الذي يخدم فيه، وهي نهاية الفيلم التي حُذفت بأوامر لجنة رقابة ترأسها وزير الدفاع المصري في حينه، عبد الحليم أبو غزالة، ووزيرا الداخلية والثقافة.
العدو ليس حسين وهدان، الجامعي الذي اعتُقل على خلفية مشاركته في مظاهرات الخبز (العيش)، ابن قرية سبع الليل الذي يرفض المشاركة في ضرب وتعذيب الطلاب المعتقلين، خصوصاً ابن قريته، فليس هؤلاء هم أعداء الوطن في أيّ حال.
حسين وهدان هو أيضاً علاء عبد الفتاح، الذي ما زال معتقلاً في سجن النطرون، وهو ابن ليلى سويف التي تحتضر منذ أكثر من أسبوع بعد استئنافها إضراباً عن الطعام للضغط على المسؤولين، في بريطانيا حيث تعيش حالياً وتحمل جنسيتها، وفي مصر-الوطن الأم الذي لم يعد يتسع لأحلام بنيه وبناته.
في الصور، تظهر سويف، وهي أكاديمية مرموقة ومعارضة سابقة منذ أيام الرئيس الراحل أنور السادات، امرأة كبيرة في السن (1956)، بشعر أبيض وجسم نحيل جداً، مستلقية على أحد أسرّة مستشفى سانت توماس في لندن.
قبل نحو أسبوع، أطلقت بنتاها والمتضامنون معها عبر العالم نداء عاجلاً للمسؤولين في لندن بالتدخل، فالسكر في الدم انخفض إلى مستوى متدنٍ جداً بما يهدّد حياتها، لكنّ السلطات المصرية التي تستطيع إنقاذ حياة سويف بإطلاق نجلها من محبسه ما زالت على عنادها، رغم أن من شأن مبادرة صغيرة لكن كبيرة في دلالاتها من الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيق أمنية العمر لامرأة تحتضر، وربما تغيير نظرة السلطات لكثير من المعارضين ممن اعتقلوا لمجرد رأي
ارسال الخبر الى: