شباب المغرب من الخضوع والتمرد إلى الشارع
يمثل التطور في المشهد الاحتجاجي والسياسي للشباب المغربي، من منتصف التسعينيات إلى ظهور جيل Z، مساراً يمكن تفكيكه علمياً عبر ثلاث مراحل مترابطة، تستند جزئياً إلى الأطر التحليلية التي قدمتها الباحثة مونية بناني الشرايبي.
المرحلة الأولى: شباب التسعينيات وبداية التحرر السياسي تحت السيطرة
قدّمت مونية بناني الشرايبي في دراسة صادرة في كتابها Soumis et rebelles, les jeunes au Maroc عام 1994، ومعها دراسات أخرى حول شباب التسعينيات، إطاراً تحليلياً مفاده أن هذا الجيل، رغم تعليمه وتمدنه، كان محصوراً بين الخضوع الظاهري للنظام السياسي والتمرد الكامن الذي لا يجد قنوات للتعبير الفعّال.
في هذه المرحلة، التي تزامنت مع بداية التحرر السياسي الموجّه ووعود التناوب، كان الشباب – وهم الأجيال السابقة لجيل الألفية – لا يزالون يتأثرون بعدة عوامل:
- ثقل الأطر: كان الاحتجاج يحصل غالباً من خلال الأطر التقليدية للنظام، مثل الاتحادات الطلابية والنقابات، أو القوى المعارضة المؤطرة كاليسار الراديكالي والإسلام السياسي.
- التركيز على المركز: اقتصرت التعبئة على المدن الكبرى (الدار البيضاء، الرباط، فاس)، كما لاحظت بناني الشرايبي في تحليلاتها لتاريخ الاحتجاجات.
- انتظار التغيير من فوق: عُلّقت آمال كبيرة على أن اللعبة السياسية الرسمية ستوفر متنفساً لتصريف المطالب، وهو ما انعكس في ارتفاع نسبي للمشاركة الانتخابية في نهاية التسعينيات.
تتبع المسار الاحتجاجي للشباب المغربي: من جيلٍ يتسم بـالتمرد المكبوت تحت الأطر (التسعينيات)، إلى جيلٍ يمتلك خبرة الاحتواء (2011)، وصولاً إلى جيل Z الذي يمارس الاحتجاج المستقل والمبتكر
كان التسلسل الموضوعي في هذه المرحلة يتمحور حول إمكانية دمج الشباب في النخبة السياسية الرسمية، في إطار إصلاحٍ موجهٍ من أعلى.
المرحلة الثانية: مفترق الطرق.. وهم ربيع 2011 ونهاية الاحتواء
شكّل حراك 20 فبراير 2011 نقطة تحول حاسمة، حيث انتقل الشباب إلى مرحلة كسر قيود التمرد الكامن. ورغم أن بناني الشرايبي رأت أن النظام أثبت خبرته في البقاء من خلال الاستباق وتقديم التنازلات (إصلاحاً للدستور)، إلا أن هذه الفترة وضعت الأسس لاختلاف جوهري عن جيل التسعينيات:
- الاستقلالية الجذرية: ظهرت استقلالية تامة عن الأطر الحزبية والنقابية
ارسال الخبر الى: