شباب الصين أزمات ذبول الحب والعلاقات العاطفية

34 مشاهدة
يعتبر الحب من المحركات الرئيسية لحياة الإنسان وعلى مدار التاريخ ظل أمرا مثاليا يحظى بمكانة سامية في قلوب البشر ولكن في الصين ومع وتيرة الحياة المتسارعة حدث تحول ملحوظ في البلد التي تسبب تحولها الصناعي في اختزال جزء كبير من مشاعر شعبها خلال العقود الأربعة الماضية وبينما كان الحب في زمن السلالات الحاكمة مسألة عاطفة ثم تصنعا برجوازيا في حقبة الشيوعية في ستينيات القرن الماضي أصبح الآن يعامل على أنه مجرد عناء وعبء إضافي وذلك في ظل انغلاق الشباب الصينيين على ذواتهم إذ أصبح السعي وراء الحب مجرد جري وراء رغبات شخصية وأنماط حياة فردية وتطلعات خاصة ويحل مكان ذلك الاعتقاد بأن الحب نهج أكثر واقعية بل وحتى تشككا في العلاقات الإنسانية ويتجلى هذا بوضوح في العالم الرقمي وتطبيقات المواعدة الإلكترونية التي توفر الحب عند الطلب في ضوء ذلك كيف يعيد الشباب الصينيون صياغة مفهوم الحب وما تأثير الواقع المادي على ذلك جيانغ وانغ موظف في شركة إلكترونيات بمدينة شينزن جنوب الصين يقول في حديث لـ العربي الجديد بأنه ليس لديه وقت للحب وهو بالكاد ينهي مهامه الوظيفية ويشعر بأن عجلة الزمن تدور بسرعة ولا تمهله الوقت الكافي من أجل الالتفات إلى نفسه وتحقيق رغباته العاطفية ويضيف في الشركة يوجد عدد كبير من الموظفات العازبات لكني لا أشعر بأي اهتمام تجاههن وهن كذلك لا أخفيك سرا بأن هناك حالة من الجمود العاطفي ربما بسبب بيئة العمل وإيقاع الحياة السريع فقد أصبح همنا الشاغل هو تطوير قدراتنا وخبراتنا المهنية وزيادة الدخل لتغطية تكاليف المعيشة الباهظة فالإقامة والعمل في المدن الصناعية الكبرى في البلاد مثل العاصمة بكين وشنغهاي وشينزن وكوانجو مكلفة جدا كما أن إيجار السكن لوحده يستنزف نصف الدخل الشهري وإذا كان والداك على قيد الحياة يتوجب عليك الالتزام بتحويل بعض الأموال لهما بين حين وآخر لذلك وفي خضم هذه الالتزامات ومع مرور الوقت تصبح العلاقات العاطفية ترفا بل في بعض الأحيان ضربا من الجنون من جهتها تكشف لي شين وهي طالبة في جامعة صن يات سن عن مشاعرها الخاصة في حديثها مع العربي الجديد وتقول إنها تبحث عن شريك حياة منذ عامها الدراسي الأول لكنها لم تجد الشاب الذي يبادلها المشاعر وتوضح بأن العديد من الطلاب في الحرم الجامعي لديهم مشاعر مشوهة عن الحب هناك حالة من الجمود العاطفي والأشخاص الذين تحدثت معهم فوجئت بعدم رغبتهم في الدخول بعلاقة جادة وغالبا ما يضعون شرطا يحررهم من أعباء العلاقة العاطفية ولم أجد تفسيرا لذلك سوى الأنانية المفرطة والخوف من الارتباط والزواج لذلك ومع تكرار مثل هذه التجارب الفاشلة تصل إلى قناعة بأن الحياة تسير في هذا الاتجاه وعليك مجاراتها حينئذ ستصبح فردا ينتمي إلى جيل لا يؤمن بالحب ولا يعرف عنه سوى ما قرأه في القصص الخيالية والتاريخية في غمرة انشغال الشباب بوظائفهم وأعمالهم انتشرت موخرا ظاهرة روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي حيث وجد فيها البعض ضالتهم في البحث عن طرف آخر يستمع إلى أحاديثهم الخاصة ومشاعرهم الخفية وقد دفع ذلك العديد من المستخدمين إلى طرح أسئلة جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي حول حياتهم الخاصة وحاجتهم إلى الألفة وتتجاوز العديد من هذه الروبوتات مجرد المحادثة حيث تجري مزاحا غزليا وتحاكي لقاءات عاطفية مع المستخدمين في تعليقها على ذلك تقول الباحثة الاجتماعية فانغ شيه في حديث لـ العربي الجديد المشكلة ليست في قضية العاطفة في حد ذاتها البشر في نهاية المطاف كائنات من لحم ودم ذات تعلقات متنوعة يجدون العزاء في كل شيء من الجماد مثل اقتناء الدمى والدببة إلى مفاهيم مجردة مثل الوطن والتوق إلى الحرية ولكن تكمن الخطورة في كيفية تقبل علاقة مع رفقاء افتراضيين في الفضاء الأزرق هذا مؤشر على أننا أمام جيل أسير تطبيقات البرمجة الذكية التي باتت تقودنا إلى عوالم غير واقعية بالرغم من أن العقل البشري هو الذي أنتج هذا التطور وهذه العلوم الحديثة تضيف بأن الخوف الأكبر هو مدى قدرتنا على الثبات والاحتفاظ بعلاقات إنسانية حقيقية تحت وطأة التكنولوجيا في عالم افتراضي ومع ذلك تلفت فانغ شيه بأن توفير هذه الحميمية الرقمية قد يكون مصدرا حيويا مؤقتا أو مرحليا للراحة لمن يعانون من العزلة والرهاب الاجتماعي ولكن لا يمكن تجاهل خطر الاعتماد المفرط على هذه العلاقات الخوارزمية لأن هناك احتمالات كبيرة بأن تؤدي هذه الروابط الاصطناعية إلى ضمور القدرات البشرية الأساسية مثل القدرة على التواصل وبناء علاقات حقيقية تتابع عندما نعطي الأولوية للتواجد الدائم والاندفاع غير المحسوب والقبول غير المشروط الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي فإننا نخاطر في التنكر للعلاقات الإنسانية الحقيقية ومع مرور الوقت قد تؤدي هذه الطرائق إلى تآكل قدرتنا على التعامل مع الواقع بما ينطوي عليه من مشاعر وعواطف وقيم إنسانية نبيلة بحسب المكتب الوطني للإحصاء تراجعت معدلات الزواج في الصين بطريقة غير مسبوقة خلال السنوات الخمس الماضية ففي عام 2020 جرى تسجيل 8 14 ملايين زواج مقارنة بـ13 47 مليونا عام 2013 وفي غضون ذلك انخفضت معدلات المواليد في العام نفسه إلى 7 5 أطفال لكل ألف شخص وهو الرقم الأدنى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 وأرجع خبراء في الصحة الإنجابية تدني نسبة المواليد الجدد إلى الانخفاض المستمر في عدد النساء في سن الإنجاب وذلك نتيجة حتمية لاختلال التوازن بين الجنسين وعزوف عدد كبير من الشباب عن الزواج لأسباب تتعلق بالظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح