سيتا مانوكيان تأمل للكون عبر قطرات الندى

٥١ مشاهدة
عشرون عاما من التشكيل تتكثف في قطرة أو قطرات الندى وفقا للاسم الذي اختارته التشكيلية اللبنانية الأرمنية سيتا مانوكيان 1945 لمعرضها الذي يتواصل في غاليري مرفأ ببيروت حتى السابع من أيلول سبتمبر المقبل ويضم لوحات اشتغلت عليها خلال العقدين الأخيرين تؤطر الخلفية الصوفية اللوحات بقوة فمن جهة لدينا التجربة البوذية التي تحرك رؤى الراهبة والفنانة في عوالم لا محدودة ومن أخرى يبرز عنوان المعرض المشتق من عبارة تنسب إلى جلال الدين الرومي أنت لست قطرة في محيط بل محيط في قطرة وهكذا تتوالى القطرات لا بما هي مياه فحسب بل سيولة بأبعاد مختلفة وتتعدد حتى تكاد توحي بأن الجمادات والحيوات التي تصورها اللوحة تشتق من تلك القطرات وهذا ما نلاحظه من التداخل بين الدوائر اللونية الكبيرة التي تصورها الأعمال دوائر ونقاط تبدو عفوية لكنها تكشف عن عملية تأمل عميقة الأحمر هو اللون الذي تنشد إليه قطرات الندى ليس ثمة من صفاء أو وضوح يضاهيه والأمر لا يحتاج طول تمعن ليحيل إلى الدم لكنه يحتفظ برقته اللونية من دون أن يفصح عن تأويلات قاسية إذ وعلى العكس تماما تحتفظ اللوحة بمقدار من التعبير الإنساني المرسوم بدقة فالأشكال والهيئات التي تبدو عفوية في بداية الأمر نكتشف أنها نتاج عملية تأمل عميقة وعلى مقربة من الماء تنعقد في إحدى اللوحات كفان ثم تنبسطان في أخرى مجاورة لها من دون أن يحتوي العمل على أي إشارة إلى الماء فالإيحاء هنا متروك للمخيلة وحدها كي تكتشف الماء لا أن تعاينه في حضوره المرئي إنها عملية ابتكار وطرفاها اللون والضوء معا مع ذلك يبقى التأمل سيد الموقف حيث تنساب الخطوط عبر ضربات الفرشاة الهادئة التي ترسم الطريق من الوردة إلى قطعة الخبز أو حتى البيض الأبيض الذي يعيدنا إلى هندسة القطرة وانسيابية الدائرة وأمام لوحة كهذه نستعيد المقولة النقدية حول تراسل الحواس والتي استلهمتها تيارات فنية حداثية عديدة من التراث الصوفي حيث يترك الأمر لعملية التذوق والحدس العميق وبهذا لا نعود إلى اللوحة إلا بوصفها عالما أكبر وفقا للتعبير الشهير لجلال الدين الرومي في قطرات الندى تختلف لوحات سيتا مانوكيان من حيث الإطار والمضمون عن اشتغالاتها إبان الحرب الأهلية اللبنانية 1975 1990 والتي لم تشهد الفنانة نهايتها إذ سافرت إلى لوس أنجليس قبل ذلك التاريخ بخمس سنوات هناك بدأت مرحلة جديدة على المستوى الفني منطلقها الولايات المتحدة الأميركية وتجاوزت ما كان سائدا في بيروت بفعل الحرب والصراعات السياسية والأيديولوجية حينها وراحت تجرب رؤى مختلفة قبل أن تعود أخيرا إلى المدينة التي انطلقت منها بعد عقود قدمت خلالها العديد من المعارض والمشاركات الدولية كما ساهمت في إعداد مؤلفات حول الفن التشكيلي وكذلك الأفلام التسجيلية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح