أثار تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن بيونغ يانغ ووصفها بأنها قوة نووية الكثير من التساؤلات حول سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية التي سيتبعها خلال ولايته الثانية وما إذا كان سيتعامل معها باعتبارها قوة نووية على غرار القوى العالمية الأخرى علما أن واشنطن ترفض منذ فترة طويلة الاعتراف بالوضع النووي لبيونغ يانغ وذلك جزء من استراتيجية تهدف إلى تجنب إضفاء الشرعية على برنامجها النووي إذ تخضع كوريا الشمالية منذ عام 2006 لسلسلة عقوبات اقتصادية وتجارية وعسكرية بموجب قرارات يصدرها مجلس الأمن سنويا منذ ذلك الحين أثناء توقيعه على سلسلة من الأوامر التنفيذية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن عقب تنصيبه الاثنين الماضي قال ترامب في حديثه عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لقد أحبني وأنا أحببته لقد تفاهمنا بشكل جيد للغاية الآن أصبح قوة نووية أعتقد أنه سيكون سعيدا برؤيتي أعود وكان مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث قد وصف كوريا الشمالية بأنها قوة نووية خلال جلسة استماع تثبيت تعيينه في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي والذي ينتظر نتائج تصويت المجلس في الأيام المقبلة أثارت تعليقات ترامب جدلا واسعا في الصين وكوريا الجنوبية إذ فسرها البعض بأنها إشارة إلى مبادرات دبلوماسية متجددة في حين حذر آخرون من المخاطر التي يشكلها مثل هذا الخطاب على الاستقرار الإقليمي وتحالف الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية تساؤلات حول سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية في سيول قالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أمس الأول الثلاثاء إن إشارة ترامب إلى كوريا الشمالية باعتبارها قوة نووية تتوافق مع نهجه السابق تجاه بيونغ يانغ ما يشير إلى أنه لا ينبغي النظر إلى ذلك باعتباره اعترافا بها دولة نووية كما أكدت الحكومة الكورية الجنوبية أنها ستواصل الضغط من أجل نزع السلاح النووي من جارتها الشمالية من جهتها ذكرت وسائل إعلام صينية أمس الأربعاء أن قبول بيونغ يانغ قوة نووية لم يكن قط من سياسات الولايات المتحدة ولم يسبق لأي رئيس أميركي أن وصفها بذلك مشيرة إلى أن اعتراف ترامب بكوريا الشمالية قوة نووية يخالف سنوات من السياسة الأميركية ويضع سيول في حالة من التوتر وأضافت أن هذه الخطوة تعيد تعريف عقود من السياسة الخارجية الأميركية تجاه بيونغ يانغ متسائلة عما إذا كان ذلك يمثل بداية لانعكاس دراماتيكي في السياسة الخارجية الأميركية أو عودة إلى أسلوب ترامب في الدبلوماسية الشخصية خلال ولايته الأولى بين 2017 و2021 التقى ترامب الزعيم الكوري الشمالي ثلاث مرات لم يسفر أي منها عن نتائج إيجابية فقد شهدت تلك الفترة تكثيف بيونغ يانغ تجاربها الصاروخية بعدما تعهد كيم بتعزيز ترسانته النووية فيما خاض الزعيمان حربا كلامية وتهديدات متبادلة وفي كلمة له بمناسبة رأس السنة في نهاية عام 2017 أعلن كيم أن بلاده أصبحت قوة نووية وأن جميع الأراضي الأميركية تقع تحت مرمى أسلحته النووية كما أشار إلى أن الزر النووي دائما على مكتبه وأن ذلك واقع وليس تهديدا بالمقابل لم يتأخر رد ترامب آنذاك الذي كتب على منصة إكس كانت تويتر حينها أنه أيضا لديه زر نووي ولكنه أكبر بكثير من زر كيم وأكثر قوة مع ذلك شهدت تلك الفترة كسرا للجمود في العلاقات بين البلدين استمر لعدة عقود إذ كان ترامب أول رئيس أميركي في منصبه يعبر الحدود إلى كوريا الشمالية منذ الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي وذلك بعد لقائه التاريخي في يونيو حزيران 2019 مع كيم جونغ أون في المنطقة منزوعة السلاح بانمونجوم بين الكوريتين جيانغ قوه تعكس تصريجات ترامب شخصيته غير المقيدة بالبروتوكولات الدبلوماسية مخاوف وتوترات في رده على سؤال لـالعربي الجديد حول تعليقات الرئيس الأميركي الأخيرة وكذلك سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية قال الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في بكين جيانغ قوه إنه لا ينبغي تأويل مثل هذه التصريحات بأنها تمثل اعترافا ضمينا بكوريا الشمالية قوة نووية وعزا ذلك إلى أن التصريحات هذه في الحقيقة تعكس شخصية ترامب غير المقيدة بالبروتوكولات الدبلوماسية والسياسية المعتادة مثلما حدث في ولايته الأولى عندما سجل اختراقا في السياسة الخارجية الأميركية بلقائه بالزعيم كيم جونغ أون ولكن ماذا كانت النتيجة لا شيء وأوضح أنه على العكس زادت بيونغ يانغ وتيرة تجاربها الصاروخية ما تسبب في إثارة مخاوف أمنية كبيرة في شبه الجزيرة الكورية فضلا عن التهديدات التي طاولت الأراضي الأميركية ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة من جهته قال الأستاذ في معهد لياونينغ للدراسات السياسية وانغ يوان في حديث مع العربي الجديد إن تصريحات ترامب بشأن علاقته الجيدة مع كيم وعبارات الإعجاب هي جزء من الدعاية التي سيعمل عليها خلال ولايته الثانية في سبيل الحصول على نوبل للسلام وهي الجائرة التي سعى إليها خلال ولايته الأولى وربط سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية بسياسات ينتهجها الرئيس الجمهوري تجاه صراعات أخرى مشيرا إلى أن حرص ترامب على إيقاف الحرب في غزة والتأكيد على ذلك في يوم تنصيبه وتصريحه بأن عهده سيكون عهد سلام إلى جانب تقديم إشارات إيجابية بشأن الأزمة الأوكرانية وإبداء استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كل هذه عوامل تؤكد أننا أمام تغييرات دراماتيكية في السياسة الخارجية الأميركية تجاه العديد من الملفات والقضايا الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة الكورية قد تؤدي سياسة ترامب تجاه كوريا الشمالية من جهة أخرى إلى توترات مع حلفاء واشنطن إذ اعتبر الخبير في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ تشاو يين في حديث لـالعربي الجديد أنه بغض النظر عن نوايا ترامب يظل البرنامج النووي لكوريا الشمالية مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي وتهديدا مستمرا لجميع دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة تشاو يين أي تقارب بين واشنطن وبيونغ يانغ يهدف في المقام الأول إلى جر الأخيرة لطاولة الحوار وأضاف أن واشنطن لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تصبح بيونغ يانغ قوة نووية وذلك لعدة أسباب من بينها عدم الرغبة في التخلي عن مبادئها بشأن منع انتشار السلاح النووي إلى جانب عدم إعطاء فرصة وأمل للدول الأخرى الطامحة إلى امتلاك أسلحة نووية بأن تسير على نهج كوريا الشمالية بالإضافة إلى الحفاظ على الحلفاء في المنطقة سيول وطوكيو لذلك رأى تشاو أن أي تقارب بين واشنطن وبيونغ يانغ بغض النظر عن الطريقة التي يسير فيها يهدف في المقام الأول إلى جر الأخيرة لطاولة الحوار من أجل إقناعها بضرورة التخلي عن أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية وتقديم ضمانات أمنية