سياسة التجويع لا تبني عدالة حين يتحول القاضي من حارس للحق إلى ضحية للسلطة

78 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

لم يعرف القضاء اليمني مرحلة أكثر قسوةً وإذلالًا من مرحلته الراهنة، إذ لم يعد التجويع وسيلةً عرضية، بل سياسة ممنهجة تستهدف القاضي في رزقه ومكانته وسمعته، تحت عناوين براقة ظاهرها “الإصلاح”، وباطنها تفكيك ما تبقى من سلطة قضائية مستقلة.

وبعد أن مُنع القضاة من كتابة العقود والبصائر الشرعية، جاء التعميم الأخير لهيئة التفتيش القضائي رقم (15) لسنة 1447هـ ليُكمل الحصار بمنع القضاة من ممارسة أعمال القسمة، رغم أنها من صميم اختصاصهم الشرعي والعلمي، ومظهر من مظاهر خبرتهم القضائية الراسخة.

ولكي لا ينكشف الهدف الحقيقي، أُدرجت في التعميم عبارات عن “العدل” و“الحراسة القضائية” لتمريره أمام الرأي العام، مع أن هذه المهام نادرة الوقوع أصلاً، ولا يُكلَّف بها قاضٍ.

إنها محاولة مقنّعة لتجفيف موارد القاضي الشريف الذي لا يمد يده لأحد، ومحاصرته بين الجوع والعوز، حتى يُصبح تابعًا خانعًا لا حارسًا للعدل.

بين التجويع والتشويه

كان الأجدر بالدولة – إن كانت حقًا حريصة على نزاهة القضاء وهيبته – أن تبدأ بإعلان ترفيع رواتب القضاة بما يكفي لتأمين حياة كريمة لهم، قبل أن تُعلن حربها على موارد دخلهم المشروعة.

فالقاضي الذي لا يتجاوز راتبه أربعمائة دولار، بينما إيجار شقته وحده يقارب مائتي دولار، كيف يُطلب منه أن يعيش بكرامة؟

كيف يُنتظر منه أن يكون حصنًا للعدالة وهو لا يجد ما يسد رمق أسرته؟

بل إن المقارنة تُصبح مؤلمة حين نعلم أن راتب القاضي في الصومال – التي خرجت من حرب أهلية – لا يقل عن ألفي دولار شهريًا!

فهل هذا هو الجزاء لمن يحمل أمانة القضاء في اليمن؟

الاتهام بالرشوة… نتيجة التحريض لا الدليل

لقد تحوّل القضاة في الخطاب الإعلامي الرسمي إلى متهمين جاهزين بالرشوة، لا بفعل دليلٍ أو واقعةٍ محددة، بل نتيجة تحريضٍ ممنهجٍ هدفه تشويه صورة القاضي أمام الناس لتبرير فشل الدولة في إدارة العدالة.

وفي الوقت الذي كانت فيه بعض موارد الدخل المشروعة (ككتابة العقود أو أعمال القسمة) تغطي ما يعجز الراتب عن تغطيته، تم إغلاقها جميعًا بقرارات متلاحقة.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح