لا يكترث سوريون كثيرون لحال أسنانهم حتى إذا آلمتهم بشدة يقول جمال الحلبي لـالعربي الجديد شرحت لي تلك الليلة معنى الوجع بدقة لم أستطع النوم من شدة الوجع وتوجهت في الصباح إلى عيادة أحد أطباء الأسنان لم أكن حينها أفكر بالنقود بل كان همي الوحيد التخلص من المطارق التي ضربت رأسي طوال الليل بعدما فشلت في تخدير الألم هذه حال الحلبي جمال الذي يعاني مثل كثير من السوريين من وصول كلفة علاج سن واحدة إلى أكثر من مليون ليرة سورية 63 دولارا ما جعل عيادات طب الأسنان حكرا على الميسورين فيما عاد سوريون فقراء إلى اتباع طريقة القلع بالطرق التقليدية غير مكترثين بما قد ينجم عنها يقول الحلبي لجأت مرات إلى تسكين ألم أسناني ببخاخ مخدر مخصص لهذه الغاية وبعدما أصبح ذلك غير مجد لجأت إلى قلع سني باستخدام خيط فراتبي لا يكفي لتسديد ثمن تصليحه وأصبح علاج الأسنان يحتاج إلى ميزانية قد تحرم أطفالي الكثير من الأساسيات لم يستثن الغلاء المتسارع الذي طاول كل شيء في سورية قطاع طب الأسنان وأصبح مجرد التفكير بعلاج الأسنان عند شريحة كبيرة من المواطنين أشد من ألم الأسنان ذاته وقد يكلف تصليح سن واحدة أكثر من ضعفي راتب موظف أو صاحب دخل محدود وربما يتعداه إلى 6 أضعاف ما يجعل التفكير في الذهاب إلى عيادات الأسنان خيارا مؤجلا وربما مستحيلا لدى هذه الشرائح يقول طبيب الأسنان عاطف عامر لـالعربي الجديد حال قطاع عيادات الأسنان ليس أفضل من غيره اليوم إذ تأثر بالأزمة وبعدم قدرة المرضى وشريحة موظفي القطاعين العام والخاص على تأمين مصاريف العلاج التي أصبحت باهظة جدا يضيف بأقل تقدير اليوم يمكن تصليح سن واحدة بما لا يقل عن 250 ألف ليرة 16 دولارا كما أن أسعار أطقم الأسنان المتحركة عالية وتلك المنخفضة الجودة لا يقل سعرها عن مليوني ليرة 130 دولارا لذا أصبح تصليح الأسنان من الجهود المضنية على الشرائح العامة في سورية كلها وعن إقبال الناس على العلاج في عيادات الأسنان يشير عامر إلى أنه ضعيف والمهنة باتت بين ناري أسعار المواد المستوردة والفقر الذي يحيط بالمواطنين كما اصبحت تغطي بالكاد مصاريفها واحتياجاتها الأساسية ما أجبر الكثير من أصحاب الخبرات على مغادرة البلد من أجل تحسين أوضاعهم ولجأ سوريون من محدودي الدخل إلى سحب قروض بنكية لعلاج أسنانهم أو تسديد الديون المترتبة عليهم في سجلات عيادات الأسنان حيث تزخر دفاتر الديون بملايين الليرات بحسب ما يقول عدد من الأطباء ويخبر حسن العلي العربي الجديد أنه سحب قرضا بقيمة 4 ملايين ليرة سورية 260 دولارا ثمن طقم الأسنان الذي كلفه ثلاثة ملايين ليرة 190 دولارا ويشير إلى أن العديد من معارفه نفذوا الخطوة نفسها كي يكملوا علاج أسنانهم وعموما تعتبر سلامة الأسنان من سلامة الجسد والصحة العامة لذا يصبح تصليح الأسنان من الجهود المضنية على الشرائح العامة التي تتمنى الاستمتاع بلقمة الطعام حتى لو كانت ناشفة ومن سخرية القدر عرض مسنين أطقم أسنانهم للبيع على عيادات كي يستطيعوا شراء الطعام وهو أمر يفوق مستوى العقل ومنطق العيش في سورية بحسب ما يقول الطبيب عامر ويقول أياد سلوم أحد موظفي القطاع العام الأمر الأكثر خطورة هو الحال التي وصل لها قطاع التأمين الذي يعتبر في بلدان أخرى دعامة أساسية للطبيب والمواطن من خلال تغطية العلاجات بنسب معينة أما في سورية فهو غير مجد وغير مفيد على الإطلاق في مجال تصليح الأسنان فالأسعار المقترحة من شركات التأمين لا تغطي ربع التكاليف وهو قطاع يسحب من الموظفين مبالغ معينة شهريا من دون أي فائدة وتؤكد مصادر رسمية في العاصمة هجرة أكثر من 600 طبيب أسنان منذ بداية العام الحالي ما يؤكد الضعف الكبير في الإقبال على عيادات ومختبرات الأسنان في وقت تتحدث نقابة أطباء الأسنان عن زيادة في التكاليف وأجور المهمات الطبية نتيجة ارتفاع أسعار مواد العلاج والتخدير والتلبيس والزرع وغيره ما يفسح في المجال أمام هجرة باقي الأطباء إلى أماكن أكثر استقرارا