سورية بين وعود الإعمار ومأزق الواقع البنيوي

37 مشاهدة

دخلت سورية مرحلة جديدة في ديسمبر/كانون الأول 2024، عنوانها العريض هو التغيير، وإن كانت ملامحه لا تزال غير مكتملة. فقد تزامنت التحولات السياسية التي شهدتها البلاد مع محاولة جديدة لرسم صورة أكثر استقراراً وانفتاحاً أمام الخارج، وخصوصاً في ما يتعلق بالملف الاقتصادي. وفي هذا السياق، أعلنت السلطة الجديدة في دمشق سلسلة من الاتفاقيات الاستثمارية التي وُصفت بأنها تمثل بداية مرحلة إعادة الإعمار، وبوابة العودة الفعلية لسورية إلى الخريطة الاقتصادية الإقليمية.

المشاريع المعلنة بدت لافتة في أرقامها، وفي الجهات التي وقعتها، وكذلك في المجالات التي تغطيها. فقد أُعلن مشروع لبناء مطار دولي جديد بتمويل قطري يُقدّر بأربعة مليارات دولار، ومشروع مترو في العاصمة بتمويل إماراتي يصل إلى مليارين، إلى جانب مجمعات عقارية وتجارية كبرى مثل Damascus Towers ومشروعات سكنية مثل Baramkeh Towers، فضلاً عن العديد من المشاريع الموصوفة بأنها صغيرة أو متوسطة، لكنها تحمل رمزية واضحة على المستويين السياسي والاقتصادي.

في الواقع، ما وُقِّع في معظم الحالات ليس عقود تنفيذ قانونية ونهائية، بل مذكرات تفاهم، وهي بطبيعتها غير ملزمة. هذه الصيغة من الاتفاقات تُستخدم عادة في المراحل الأولية من التعاون، وتعبّر عن نيات استثمارية قد تتحقق أو لا تتحقق، بحسب ما تقتضيه الظروف. ومن هنا، فإن النظر إلى هذه المذكرات على أنها مشاريع قيد التنفيذ الفعلي، قراءة متفائلة أكثر من اللازم، وقد تخدم أغراضاً سياسية أكثر مما تعكس واقعاً اقتصادياً. فالمستثمر، سواء كان من الخليج أو من أي مكان آخر، لا يضخ أموالاً في بيئة لا تزال غير مستقرة، ولا توجد فيها ضمانات كافية لحماية رأس المال، ولا آليات قضائية تتيح له تحصيل حقوقه في حال النزاع. رأس المال، بطبيعته، يميل إلى الحذر، ويتجنب المغامرة في البيئات غير المضمونة. لذلك، من الخطأ النظر إلى بطء التنفيذ باعتباره إخلالاً من طرف المستثمر، بل هو، في جوهره، انعكاس لواقع داخلي لا يزال بعيداً عن الجاهزية.

ما وقع في معظم الحالات ليس عقود تنفيذ قانونية ونهائية، وإنما مذكرات تفاهم، وهي بطبيعتها غير ملزمة

الواقع

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح