أسر سورية مثقلة بأعباء المؤونة وتكاليف المدارس
مع اقتراب فصل الخريف، تدخل أسر سورية في دوامة ثقيلة على القلب والجيب معاً، تتمثل في تأمين المؤونة والاستعداد للمدارس. وقد حوّل الغلاء وشظف العيش الموسمين إلى مصدر دائم للقلق والعجز، وجعل منهما عبئاً يومياً يرهق العائلات. ويُعدّ موسم المؤونة تقليداً عائلياً راسخاً لدى السوريين، يجمع بين التوفير وضمان الغذاء لأشهر الشتاء، غير أن ارتفاع تكاليف المواد حوّل عملية التخزين إلى حلم بعيد المنال بالنسبة لكثيرين.
تقول ميساء زينو (45 عاماً) من ريف اللاذقية لـ العربي الجديد: قبل الحرب، كانت المؤونة فرحة. اليوم نحسب كل غرام؛ إما نشتري قسطاً من الزيت للمؤونة، أو ندفع إيجار البيت. جميع الخيارات مُرّة، وكثير من العائلات اضطرت إلى تقليص كميات المؤونة بشكل كبير أو التخلي عن أصناف معينة منها.
وتضيف، سابقاً كنا نجهّز أكثر من 70 كيلوغراماً من البندورة؛ نعصرها ونغليها ونخزنها، مستفيدين من انخفاض ثمنها في الصيف قبل أن يرتفع في الشتاء. لكن هذا العام اكتفيت بصنع 20 كيلوغراماً فقط، ووجّهنا المصاريف إلى حاجات أخرى. كما استغنيت عن مؤونة دبس الرمان ودبس العنب والكشك والملوخية والمكدوس، رغم حاجتنا إليها.
من جهتها، تشير الستينية منى صعيدي إلى غرفة صغيرة في شرفة منزلها بمدينة جبلة، تضم رفوفاً خشبية مرتبة، وعليها بضع عبوات بلاستيكية تحتوي على القليل من السكر والشاي والزيت والعدس. تقول: سابقاً، لم يخلُ أي بيت سوري من غرفة للمؤونة نعبّئها في مثل هذا الوقت من العام؛ نجهّز للشتاء الطحين والبندورة والدبس والكشك والملوخية والمكدوس وزيت الزيتون والبقوليات والسمن والأجبان، حتى تكفينا طوال فصل البرد. وحتى الفواكه، مثل الرمان والتين، كنا نجففها لنأكلها في الشتاء. أما اليوم فقد اختفت هذه العادات، وبالكاد نشتري بالكيلو أو الأوقية بعدما باتت الأسعار تفوق قدرتنا.
وتضيف: هذا الجيل لم يعد يعرف شيئاً عن غرفة المؤونة، فهم يشترون حاجاتهم من السوق أولاً بأول، رغم أن ذلك أكثر كلفة وأقل فائدة صحياً. كنا نجتمع مع جيراننا ونتساند في تحضير المؤونة، لكن حتى هذه العادات تبدلت. كم أفتقد تلك الطقوس
ارسال الخبر الى: