استفاق السوريون اليوم الأحد على عهد جديد يطوي صفحة حقبة سوداء في تاريخ بلادهم بعد فرار رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جهة غير معلومة إثر تمكن فصائل المعارضة السورية عقب معارك استمرت 11 يوما فقط من إسقاط نظام طالما أرعبهم وهم لا يكادون يصدقون أن تهاويه جاء أسرع مما كانوا يتوقعون بعد ثلاثة عشر عاما ونيف من الحرب والقتل والعوز والتهجير شهدت صبيحة الثامن من ديسمبر كانون الأول 2024 سقوط نظام بشار الأسد مع وصول طلائع فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق وقبل حتى أن تدخل كافة أحيائها جاء الخلاص سريعا وبدون صدام وسبقت ذلك أنباء مفرحة بعدما تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على العديد من السجون في ريف دمشق والقنيطرة وحمص والتي طالما كانت مصدر رعب للسوريين وآخرها سجن صيدنايا سيئ الصيت وإطلاق سراح آلاف المعتقلين بعد مفاوضات قصيرة مع المشرفين على تلك السجون ليفتحوا أبوابها ويلوذوا بالفرار أما رئيس النظام الذي ظل يعاند حتى آخر لحظة ويرفض الاستجابة لإرادة شعبه ولو لمرة واحدة فقد استقل بحسب تقارير طائرة من مطار دمشق متجها إلى وجهة ما زالت غير معلومة حتى اللحظة بينما أعلن رئيس حكومته محمد غازي الجلالي أنه ما زال على رأس عمله ولن يغادر البلاد مشيرا إلى أنه يمد يده إلى كل أطياف الشعب السوري ومستعد لإدارة شؤون البلاد وجاءت المباركة سريعة من رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني قائد العمليات العسكرية للمعارضة السورية بأن كل المؤسسات في دمشق ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميا في تلك الأثناء كانت إدارة العمليات العسكرية تعلن وصول مقاتليها الى مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين بقلب العاصمة دمشق بينما توقف بث محطات التلفزيون التابعة للنظام والتي تبث جميعها من هذا المبنى وقد واظبت حتى دقائق قبل توقفها على بث الأكاذيب بأن الوضع بخير وكل ما يقال عن زحف المعارضين نحو العاصمة مجرد خدع وحرب نفسية ومع انتشار هذه الأخبار بدأ سكان العاصمة دمشق الذين يعرف عنهم الحذر والخشية الشديدة من بطش أجهزة النظام الأمنية التدفق إلى الشوارع لاستطلاع ما يحدث وتوجه بعضهم الى مبنى التلفزيون ليقفوا بأنفسهم على حقيقة ما يجري بينما كانت مآذن الجوامع تصدح بالتكبيرات View this post on Instagram A post shared by العربي الجديد alaraby ar لقد كان انهيارا أسهل وأسرع مما اعتقد معظم السوريين طوال عقود حتى خيل إليهم أن نظام بشار الأسد عصي على الزوال وأن قدر أجيال منهم أن تولد وتموت في ظله بعد أن ورث الابن الحكم عن أبيه حافظ الأسد عام 2000 وكان يمني نفسه نقله إلى ابنه أيضا 11 يوما كان ما احتاجه الأمر بعد انطلاق المعارضة السورية المسلحة من إدلب لتستولي على حلب ثاني أكبر مدن البلاد في يوم واحد وتنتقل بعدها إلى حماة وحمص وصولا ليلة السبت الأحد إلى دمشق فيما هب الأهالي الناقمون في جنوب البلاد وشرقها ليلتحقوا بهذا الزحف ويتلاقى معارضو الشمال مع الجنوب في العاصمة دون مقاومة تذكر من قوات النظام التي تحيط بالعاصمة من كل حدب وصوب لقد تبخرت هذه القوات فجأة بعد أن هرب قادتها طالبين السلامة بينما نزع العناصر لبساهم العسكري ولاذوا بالفرار إلى بيوتهم بعد أن منحت قيادة الفصائل الأمان لكل من يلقي سلاحه ويلتزم بيته اليوم تطوى صفحة سوداء من تاريخ سورية لم يعرف خلالها السوريون سوى القهر والخوف والمذلة حقبة كئيبة تمتد لـ54 عاما بدأت مع حافظ الأسد عام 1970 بعد انقلاب حزب البعث ووصوله إلى السلطة وانتهت مع بشار الأسد قبل نهاية العام 2024 بأيام قليلة يرى كثير من السوريين أنها كانت الأسوأ في تاريخ بلادهم القديم والمعاصر نبت فيها الفساد والطائفية والخوف وترعرعت خلالها الفروع الأمنية والسجون بينما تراجع التعليم وتوقفت الحياة السياسية وعجلة الاقتصاد