سورية عام على الجمهورية الثالثة
حتى تاريخه، وبعد مضي عام بالتمام والكمال على تحرير سورية، تبدو منطقة هروب بشار الأسد وانهيار نظامه بتلك الصورة المذلة والسريعة، أمراً يجوز فيه غير احتمال وتأويل وتفسير، فالذي جرى كان، وبأبسط الألفاظ، خروجاً عن كل التوقعات وأعظم من أقصى أحلام أكثر السوريين تفاؤلاً، لكنه ودونما دخول بسيناريوهات السقوط وأسبابه وفواعله، ها هو قد حصل ومرّ عليه عام، ليكون تتويجاً لتضحيات وعذابات السوريين ليبدؤوا مرحلة جديدة ببناء جمهوريتهم الثالثة، بعد أول جمهورية تلت الاحتلال الفرنسي والثانية بعد الانفصال عن مصر وما يقال عن ثورة حزب البعث.
ويبدو أن الجمهورية الثالثة مختلفة عن سابقتيها، بل وربما عن الذهنية والتراكم السوريين، السياسي والاقتصادي وحتى العلاقات، أو هكذا يبدو خلال العام المنصرم على الأقل، إذ باتت سورية وبعد هروب النظام الاشتراكي البعثي لا شرقية ولا غربية، بل تحاول السلطة في دمشق، إعادة تعريف سورية، هوياتياً واقتصادياً وسياسياً، آخذة من شعارات كبيرة، كالاقتصاد الحر والانفتاح على الجميع والانخراط بالنظام العالمي، المالي والاقتصادي وحتى السياسي، أدوات لتسريع الاندماج وإلغاء العقوبات والبدء مع الجميع من مبدأ، تحرير سورية يجب ما قبله وعفا الله عمّا مضى.
باتت سورية بعد هروب النظام الاشتراكي البعثي لا شرقية ولا غربية، بل تحاول السلطة في دمشق، إعادة تعريف سورية، هوياتياً واقتصادياً وسياسياً
وبعيداً عمّا قد ينتج عن ذاك الانفتاح على الجميع من عقابيل أو اختلاط وتضارب، بيد أن النتائج حتى اليوم، تبدو جيدة إن لم نقل أكثر، فأن تعرف السلطة بدمشق طريقها لواشنطن ويزور رئيسها البيت الأبيض لتزال بعد ذاك العقوبات وتتحسن المعاملات المالية، فهذا إنجاز يحسب للدبلوماسية السورية، وأن تؤاخي بين الأضداد لتمد، بالوقت نفسه، الجسر من جديد مع روسيا ويزور الرئيس أحمد الشرع موسكو، فذاك يعظّم من الإنجاز. وهكذا على صعيد دول المنطقة وما يقال عن اختلاف بالسياسات بين تركيا والسعودية ومصر أو بين دول الجوار ذاتها، بما فيها دول الخليج العربي التي كانت وجهة سلطة دمشق الأولى وكان للرياض والدوحة، الأثر الأهم ربما، بتسريع الانفتاح والدعم الإسعافي
ارسال الخبر الى: