سلوى حجازي سيرة بلا نهاية

شبّه المبدعُ كريم جمال سيرةَ الشاعرة والإعلامية المصرية الراحلة، سلوى حجازي، بجريان الماء فوق سطحٍ أملس، وذلك في مقدّمة كتابه الفذّ سلوى... سيرة بلا نهاية (تنمية، القاهرة، 2025). وسلّط الضوء في المقدّمة على وجوه سلوى الثلاثة المعروفة لدى المصريين، خريطةَ طريق للسيرة؛ إعلامية رائدة تتميز بالهدوء والثقافة العميقة والرقي، شاعرة رقيقة قصائدها مفعمة بالذاتية والتأمّل والتمرّد، شهيدة الواجب الأكثر حضوراً وتأثيراً في الوجدان الجمعي، إذ طاولتها (وبقيّة المسافرين المئة والستّة) يدُ الغدر الصهيونية، التي استهدفت طائرةً ليبية حين تاهت في سماء سيناء المحتلّة آنذاك، وقد أسقطتها صواريخ العدو الغاشم، غير عابئةٍ بأرواح المدنيين في حادثة هزّت العالم في يناير/ كانون الثاني 1973.
يلمس القارئ مدى الجهد البحثي والتوثيقي الكبير (والجادّ) الذي بذله كريم في تتبّعه مسارات حياة هذه المرأة الجميلة، الاستثنائية، ذات الحضور المميّز، معدّة ومقدّمة برامج متنوعة منذ الستينيّات إلى وفاتها، أثرَت أرشيف التلفزيون المصري ببرامج قيّمة، أجرت فيها حوارات مهمّة مع شخصيات ثقافية وفنية بارزة، منها أم كلثوم ونزار قباني وعبد الحليم حافظ، وبرعت واشتهرت في سنواتها الأخيرة (على نحوٍ خاص) في برنامج الأطفال الذي حاز شهرةً واسعةً؛ عصافير الجنّة، حين عُرفت لدى الجمهور بماما سلوى، لأنها وجدت بين الأطفال نفسها، وحقّقت طموحها، وعملت في تطوير التجربة رغم إرهاقها وضيقها بالأضواء، ورغبتها في الابتعاد والتفرّغ للشعر والحياة، غير أن عشقها الأطفالَ جعلها تؤجّل القرار.
ويخصّص الكاتب حيّزاً كبيراً لتناول تجربة سلوى الشعرية، المرهفة والعميقة، وقد أصدرت ديوانَين باللغة الفرنسية: ضوء وظلال وأيام بلا نهاية ترجم قصائد منهما إلى العربية أحمد رامي وكامل الشنّاوي وصالح جودت. تلامس قصائدها العذبة القلب، وتشي بروح سلوى، المرأة الصلبة والهشّة في آن، المشحونة بالقلق الوجودي وهواجس الموت والغياب وفراق الأحبة، المحتفلة بالطبيعة، المعتنقة الجمال مذهباً، الساعية إلى الاختلاف والتجدّد، المتمرّدة بأناقة على واقع اجتماعي غير رحيم، ينظر للمرأة غير التقليدية بعين الريبة، ولا يغفر لها طموحَها في التحقّق والإنجاز، بعيداً من التصنيفات والأدوار النمطية المكرّسة.
يخلص الكاتب الباحث إلى أن سلوى نجحت، بل