عام على سقوط الدولة السورية
في نوفمبر من العام الماضي، شهدت سوريا انقلابًا استراتيجياً في خريطة تحالفاتها الإقليمية، حين انقلبت تركيا وقطر على تفاهمات “سوتشي” السابقة، وأقدمتا على تصعيد الوضع على الأرض لخدمة أهداف صهيونية بحتة. لقد تجلى ذلك في دعم الجماعات المسلحة، وزيادة التدخلات العسكرية والاستخباراتية في مناطق مختلفة، بما يعمّق الفوضى ويعطل أي مسار سياسي لحل الأزمة.
ولم يكن مفاجئًا أن يكون المستفيد الأكبر من هذا الانقلاب هو العدو الصهيوني، الذي وسّع تدريجيًا نطاق قواته في جنوب سورية، مستغلاً الفوضى والانقسامات لإحكام السيطرة على مناطق استراتيجية، سواء من حيث الأمن أو الموارد. أما الرعاة الظاهرون، ممثلون في أنقرة والدوحة، فقد كشف تصعيدهم الأخير حقيقتهم كأدوات لتفتيت الدولة السورية، لا أكثر، حيث تنحصر مصالحهم في الإبقاء على ضعف الدولة واستمرار التوتر، دون أي رؤية لإعادة وحدة البلاد أو استقرارها.
وخلال السنة الأولى بعد سقوط دمشق، كان المتضرر الأكبر هو الشعب السوري، الذي وجد نفسه رهينة الفوضى والانتهاكات اليومية. الجماعات التكفيرية، التي أخلت جنوب البلاد لصالح الاحتلال الصهيوني، مارست الإجرام بشكل منهجي ومستمر ضد المدنيين، فيما يشكل ما جرى في الساحل والسويداء شاهدًا صارخًا على قبح هذه الجرائم، إذ أُبيدت أسر ومجتمعات كاملة بدوافع طائفية بحتة. كما لا يزال الآلاف من المواطنين رهن الإخفاء القسري، الذي أصبح للأسف سمة بارزة تميز الحكم الجديد، ويُضاف إلى قائمة الانتهاكات التي تثقل حياة السوريين وتزيد من معاناتهم اليومية.
أما مطامع السوريين عن الحرية في الزمن الأول غدا اليوم حلمهم الأخير، فحتى الحديث عن تدهور الأوضاع المعيشية عقوبته الموت أو التغييب، فيما تحول العدو الإسرائيلي في الإعلام إلى حليف مقدس لا يجوز الحديث عن انتهاكاته المتكررة بحق الشعب والسيادة، فالعدو في نظر الجولاني هو الشعب المحاصر بكل أشكال القتل والقمع وليس في العدو التاريخي لسورية وللأمة الإسلامية.
حتى الوضع الاقتصادي المتدهور منذ مارس 2011 تحوّل لدى الإعلام القطري، وعلى رأسه قناة الجزيرة، إلى ما يشبه حالة من الرفاهية المطلقة على شاشاتها. فقد صُوّر استيراد الموز، على سبيل المثال، وكأنه
ارسال الخبر الى: